للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ملك "معدًّا"١. ولكننا لا نستطيع أن نؤكد أن ملك ملوك الحيرة قد شمل القبائل المذكورة في كل الأوقات، بل في كل أيام حكم "امرئ القيس"، فقد تعودت القبائل الانتفاضة على من يفرض حكمه عليه عند أول فرصة يشعرون فيها بضعف الحاكم، أو أن الأوضاع أخذت تسير عكس ما يريد، فتنقلب عليه وتخرج على طاعته.

ونجد في رسالة "شمعون الأرشامي" الحيرة أن في جملة من كان في معسكر "المنذر" الثالث، "طيايه حنبه ومعدايه"، أي "طيء" ومعد. والأغلب أنه قصد بـ "طياية" الأعراب، فقد كانت تطلق بهذا المعنى في هذا المعهد. ولعله قصد بـ "حنبه" "حنفه" قبيلة "بني حنيفة" أو قبيلة أخرى اسمها قريب من هذا الاسم.

ويلاحظ أن اسم "معد" كان معروفًا مشهورًا على أنه من القبائل العربية الكبيرة التي تشمل منازلها أرضين واسعة. وقد ميز بينها وبين "نزار" في "نصر النمارة" مما يدل على أن "نزارًا" كانت منفصلة عن "معد" ولها اسم خاص في القرن الرابع للميلاد.

أما الأنبار التي زعم الأخباريون أنها بنيت في أيام بختنصر، فقد كانت من المدن المعروفة في أيام الساسانيين، تلي شهرتها في العراق شهرة مدينة "طيسفون" "Ktesiphon". وقد تبين من فحص آثارها ومعالمها الباقية أنها من المواضع التي كانت قبل عهد الدولة الساسانية، غير أننا لا نعرف من أمرها شيئًا يذكر قبل عهد هذه الدولة، والذي بعث فيها الحياة وأنشأ فيها الأبنية والعمارات، هو الملك الساساني "سابور الثاني" "شابور" "Shapur II" "٣١٠-٣٧٩ م"٢، أو سابور الأول في بعض الروايات٣. وقد حصنت وقويت وجعلت قلعة حربية لصد غارات الروم على حدود هذه المملكة من ناحية الفرات. وكان لها أثر مهم في الحملة التي قام بها الانبراطور "يوليانوس" "Julianus" على مملكة الساسانيين في سنة ٣٦٣ للميلاد، إذ دافعت عن نفسها دفاعًا شديدًا. ولما تمكن يوليانوس منها، بعد ذلك الحصار المتعب صارت ركامًا وتلالًا من الرماد، فأمر عندئذ ببناء "هيليوبوليس" "Heleopolis". وقد وصف المؤرخ "أميانوس مرسليانوس" "Ammianus Mercellianus" الأنبار،


١ تأريخ العرب قبل الإسلام، لمؤلف هذا الكتاب "٤/ ٣٣ وما بعدها"،
Die Araber, II, S. ٣١٣.
٢ Paulys – Wissowa, ٦٤, Halbband, ١٩٥٠, ١٧٢٥, Ency, I, P. ٣٤٨.
٣ Paulys-Wissowa, ٢ Halbband, ١٨٩٤, ١٧٩١, Musil, Euqhrates, P. ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>