للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تأويلهما لرؤيا بما يكون من غلبة الحبش على أرض اليمن، وبغلبة الفرس بعدهم. فلما سمع بذلك، أوجس في نفسه خيفة، فأحب أن يخرج ولده وخاصة أهله من أرض اليمن، فوجه ابنه عمرًا إلى يزدجرد بن سابور، أو إلى سابور ذي الأكتاف، فأنزله الحيرة، فيومئذ بنيت، فضم عمرو إليه أخوته وأهل بيته، فمن هناك وقع آل لخم إلى الحيرة، واتصلوا بالأكاسرة فجعلوا لهم على العرب سلطانًا، فلما مات خلفه من بعده ابنه "جذيمة بن عمرو"١.

وزعم "الدينوري" أن وفاة ربيعة بن نصر كانت في أيام "قباذ بن فيروز" وأنه بوفاته رجع الملك إلى حمير، فملك ذو نواس من بعده، وهو ذو نواس صاحب تعذيب نصارى نجران نفسه. فأرجع أيام ربيعة إلى قباذ "قباد"، وهو قول يخالف ما يرويه الأخباريون٢. وجعل ذا نواس المالك من بعده، وقد عاش ذو نواس بعد قباذ أمدًا، فخالف في ذلك التأريخ وأقوال الأخباريين.

ووصف "الطبري" عمرو بن عدي، فقال عنه: "هو أول من اتخذ الحيرة منزلًا من ملوك العرب، وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق، وإليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر، فلم يزل عمرو بن عدي ملكًا حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة، منفردًا بملكه، مستبدًّا بأمره، يغزو المغازي ويصيب الغنائم، وتفد عليه الوفود دهره الأطول، لا يدين لملوك الطوائف بالعراق، ولا يدينون له، حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس"٣.

وذكر الطبري أن الحيرة خربت بعد هلاك بختنصر، لتحول الناس عنها إلى الأنبار، وبقيت خرابًا إلى أن عمرت في زمن عمرو بن عدي، باتخاذه إياها منزلًا٤.

وثم رواية تنسب نصرًا إلى الساطرون ملك الحضر٥، وتجعل آل نصر من الجرامقة، من "رستاق باجرمي"٦، ورواية أخرى تجعل ملوك الحيرة من


١ الأخبار الطوال "٥٦".
٢ الأخبار الطوال "٦٢ وما بعدها".
٣ الطبري "١/ ٦٢٧"، "دار المعارف"، حمزة "٦٥"، مفاتيح العلوم، للخوارزمي "٦٨".
٤ الطبري "٢/ ٤٣"، "دار المعارف".
٥ Rothstein, S. ٤٢.
٦ "وهو جرمقاتي من أهل الموصل من رستاق يدعى باجرمي"، معجم الشعراء، "٢٠٥"، Rothstein, S. ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>