للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد في هذه الأبيات أن سنمار صرف عشرين حجة في بنائه البنيان بالقرميد والسكب، فلما كمل البناء وآض كمثل الطود، وظن سنمار أنه سينال من صاحبه المودة والقرب، إذ بصاحب القصر يأمر بقذفه من فوق برجه فيموت. ولم يذكر الشاعر اسم الملك ولا اسم الخورنق، وهو يخاطب في هذه الأبيات ابن جفنة، كما أشير إلى "المرء حارث" ويقصد به الحارث الغساني١.

وقد نسب بعض أهل الأخبار قصة نهاية "سنمار" إلى "أحيحة بن الجلاح". فذكروا أن أحيحة أراد بناء أطم له، فبناه له "سنمار". فلما كمل، عجب من بنائه، فقال له "سنمار": "إني لأعرف فيه حجرًا لو انتزع لتقوض من عند آخره، فسأله عن الحجر، فأراه موضعه، فدفعه أحيحة من الأطم، فخر ميتًا٢.

وقد ذكر "جزاء سنمار" في شعر لأبي الطمحان القيني، وآخر لسليط بن سعد وآخر ليزيد بن إياس النهشلي٣.

واقترن اسم هذا القصر في الغالب باسم قصر آخر نسب بناؤه أيضًا إلى هذا النعمان، هو السدير٤.

ويتبين من روايات أهل الأخبار عن "الخورنق" و"السدير" أن القصر الأول لم يكن بعيدًا عن الحيرة، وإنما كان على مقربة منها، وربما كان على مسافة ميل من الحيرة. أما "السدير"، فكان على مسافة بعيدة، وقد ورد أنه كان في وسط البرية التي بينها وبين الشأم.


١ "ودعا ابنيه: شراحيل وعبد الحارث، فكتب معهما إلى قومه:
جزاني جزاه الله شر جزائه ... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رصه البنيان عشرين حجة ... يعلي عليه بالقراهيد والسكب
فلما رأى البنيان تم سموقه ... وآض كمثل الطود ذي الباذخ الصعب
فاتهمه من بعد حرس وحقبة ... وقد هره أهل المشارق والغرب
وظن سنمار به كل حبرة ... وفاز لديه بالمودة والقرب
فقال: اقذفوا بالعلج من فوق برجه
فهذا لعمر الله من أعجب الخطب"
الطبري "٢/ ٦٦ وما بعدها"، "دار المعارف".
٢ الميداني، مجمع الأمثال "٢/ ١٦٧".
٣ الطبري "٢/ ٦٦ "دار المعارف".
٤ البلدان "السدير"، حمزة "ص٦٧"، البكري "٣/ ٧٢٩"، الروض الأنف "١/ ٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>