للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر من وصف أهل الأخبار للسدير، ومن أنه كان قبة في ثلاث قباب متداخلة١، ومن وصفهم للخورنق، أن السدير لم يكن في مثل ضخامة قصر الخورنق، وأن الخورنق كان قصرًا كبيرًا أعد للسكنى وليكون حصنًا يهيمن على مشارف البادية.

ويرى بعض الباحثين أن قصر الخورنق لم يكن من بناء "النعمان"، وأنه إنما بني قبل ذلك، ويرى أن النعمان قد أسكن "بهرام" فيه٢.

وقد ورد ذكر الخورنق في شعر لحسان بن ثابت:

وحارثة الغطريف أو كابن منذر ... ومثل أبي قابوس رب الخورنق٣

وقد ذهب بعض شراح هذا البيت إلى أن المراد بـ "ابن منذر" "عمرو ابن هند"، وأن المراد من "أبي قابوس"، "النعمان بن المنذر بن امرئ القيس بن عدي اللخمي"، الذي لبس المسوح وساح في الأرض، والذي نعته الشاعر عدي بن زيد العبادي بـ "رب الخورنق"٤. وهو تفسير ينسجم مع رأي المؤرخين في باني القصر، إلا أنه يتعارض معهم في تسمية الملك، فالمعروف عندهم أن "أبا قابوس" هو "النعمان بن المنذر" آخر ملوك الحيرة، وهو قاتل الشاعر "عدي بن زيد العبادي" لا "النعمان السائح"٥. ولا يوجد أحد غيره عرف عندهم بـ "أبي قابوس". وقد حكم هذا بعد "عمرو بن هند" بأمد، فيكون هو مراد الشاعر المذكور. غير أن هذا يدفعنا إلى تخطئة "حسان" في نسبة الخورنق إلى هذا الشاعر، أو تخطئة المؤرخين في نسبتهم القصر إلى "النعمان


١ "والسدير: بناء، وهو بالفارسية سهدلي أي ثلاث شعب أو ثلاث متداخلات. وقال الأصمعي: السدير فارسية، كان أصله سادل أي قبلة في ثلاث قباب متداخلة، وهي التي تسميها الناس اليوم سدلي، فأعربته العرب، فقالوا سدير، والسدير: النهر، وقد غلب على بعض الأنهار، قال:
الابن امك ما بدا
ولك الخورنق والسدير
التهذيب: "السدير نهر بالحيرة"، اللسان "٤/ ٣٥٥"، "صادر"، نهاية الأرب "١/ ٣٨٥ وما بعدها".
٢ إيران في عهد الساسانيين، أرثر كريستين، ترجمة يحيى الخشاب "ص ٢٦٠".
٣ البرقوقي "ص ٢٨٧".
٤ الخورنق "ص ٢٨٧".
٥ المحبر "٣٥٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>