للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائح". والذي أراه أن هذا التفسير، لا يتعارض مع روايات المؤرخين في باني القصر، وأن مراد الشاعر من "ومثل أبي قابوس رب الخورنق"، أنه صاحب الخورنق، أي مالكه والنازل فيه، لا الباني له. وقد ذكره لشهرة القصر في أيامه وبذلك فلا يقع التعارض بين التفسيرين، ويكون الملك المقصود هو "النعمان أبو قابوس".

وممن أشار إلى القصرين: الخورنق والسدير في شعره من الشعراء الجاهليين، المنخل، قال:

وإذا صحوت فإنني ... رب الشريهة والبعير

وإذا سكرت فإنني ... رب الخورنق والسدير

وقد نشأ لقب "السائح" الذي لقب به النعمان من القصة الشهيرة التي يرويها الأخباريون عن هذا الملك، وهي أن النعمان جلس في يوم من أيام الربيع في قصره الخورنق فأشرف منه على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار ... فأعجبه ما رأى من الخضرة والنور والأنهار، فقال لوزيره وصاحبه: هل رأيت مثل هذا المنظر قط؟ فقال: لا، لو كان يدوم! قال: فما الذي يدوم؟ قال: ما عند الله في الآخرة، قال: فيم ينال ذلك؟ قال: بترك الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده. فترك ملكه من ليلته، ولبس المسوح مستخفيًا هاربًا لا يعلم به، وأصبح الناس لا يعلمون بحاله، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم عليه كما كان يفعل. فلما أبطأ الإذن عليهم، سألوا عنه، فلم يجدوه، وساح الملك منذ ذلك الحين في الأرض، فلم يره إنسان١.

ويلحق الأخباريون بهذه القصة أبياتًا ينسبونها لعدي بن زيد العبادي. ذكروا أنه خاطب بها النعمان بن المنذر، هي في الواقع اختصار للقصة، لم يذكر فيها اسم النعمان، وإنما اكتفى الشاعر بذكر رب الخورنق، ورب الخورنق هو النعمان في تفسير الأخباريين٢.


١ الطبري "٢/ ٧٣ وما بعدها"، "٢/ ٦٧"، "دار المعارف"، حمزة "ص ٦٨". المعارف "ص ٢٨٢".
٢ الطبري "٢/ ٦٧ وما بعدها"، حمزة "ص ٦٩"، المعارف "ص ٢٨٢"، نهاية الأرب "١/ ٣٨٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>