للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هر ابنة زيد مناة بن زيد الله بن عمرو الغساني أربعًا وأربعين سنة"١. وذلك يدل على أن هذه رواية أخرى منسوبة إلى ابن الكلبي أيضًا، ولكنه أخذها من مورد آخر غير المورد الذي نقل منه الرواية السابقة، وهي منسوبة أيضًا إلى ابن الكلبي استهلها الطبري بقوله: "حدثت عن هشام بن محمد"٢. وهو ابن الكلبي.

وحديث الطبري عن قتل الحارث بن عمرو الكندي للنعمان بن امرئ القيس ابن الشقيقة، يناقض ما رواه هو نفسه وما رواه غيره عن تنسك النعمان واعتزاله الملك وسياسته في الأرض وعن اللقب الذي منحه الأخباريون إياه وهو "السائح"، ويظهر أن ابن الكلبي وأضرابه رواة هذه الروايات كانوا قد أخذوا رواياتهم من مصادر عربية مختلفة، غير مدونة، فوقع هذا التناقض بين الروايتين.

وعاد الطبري فتكلم على هذا الموضوع في أثناء حديثه عن الأحداث التي وقعت بين العرب في أيام قباذ، فقال: "وحدثت عن هشام بن محمد، قال: لما لقي الحارث بن عمرو بن حجر بن عدي الكندي النعمان بن المنذر بن امرئ القيس ابن الشقيقة، فقتله، وأفلته المنذر بن النعمان الأكبر وملك الحارث بن عمرو الكندي ما كان يملك، بعث قباذ بن فيروز ملك الفرس إلى الحارث بن عمرو الكندي: أنه قد كان بيننا وبين الملك الذي قد كان قبلك عهد، وأني أحب أن ألقاك. وكان قباذ زنديقًا يظهر الخير ويكره الدماء٣. فجعل الطبري والد النعمان في هذه الرواية المنذر بن امرئ القيس مع أن والد النعمان المقصود هو امرئ القيس.

وقد ذكر الطبري أن ملك النعمان إلى أن ترك ملكه وساح في الأرض تسع وعشرين سنة وأربعة أشهر. من ذلك في زمن يزدجرد خمس عشرة سنة، وفي زمن بهرام جور بن يزدجرد أربع عشرة سنة٤. وإذا أخذنا بهذه الرواية وجب أن يكون ابتداء حكم الملك النعمان في سنة "٤٠٥م"، وتركه الملك واختياره في الأرض وحياة الزهد في حوالي السنة "٤٣٤م". فقد حكم بهرام بن يزدجرد، المعروف بـ "بهرام الخامس" عند المؤرخين فيما بين السنة "٤٢٠م" والسنة "٤٣٨"٥.

وصار عرش الحيرة بعد النعمان إلى ابنه المنذر، وكانت أم المنذر من غسان.


١ الطبري "٢/ ٩٠" "دار المعارف".
٢ الطبري "٢/ ٨٩" "دار المعارف".
٣ الطبري "٢/ ٨٩" "٢/ ٩٥" "دار المعارف".
٤ الطبري "٢/ ٦٨" "دار المعارف".
٥ Encuy., ٤, P. ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>