للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي هند بنت زيد مناة بن زيد بن عمرو الغساني١. أما المسعودي، فذكر أنها: هند بنت الهيجانة من آل بكر٢.

وقد ذكر الطبري أن يزدجرد لما ولد بهرام جور، اختار لحضانته العرب، فدعا المنذر بن النعمان واستحضنه بهرام، فسار به المنذر، واختار لرضاعته ثلاث نسوة ذوات أجسام صحيحة وأذهان ذكية وآداب حسنة، من بنات الأشراف، وهن عربيتان وعجمية، فأرضعنه ثلاث سنين، فلما بلغ خمس سنين، أحضر له مؤدبين، فعلموه الكتابة والرمي والفقه. وأحضر له حكيمًا من حكماء الفرس، ثم أحضر له معلمي الفروسية، فتعلم الرماية والصيد وركوب الخيل حتى صار من أمهر الناس. وظل هذا شأنه لدى المنذر حتى مات يزدجرد. ففرح الناس بوفاته وقرر الأشراف والموبذان والمرازبة صرف الملك عن أسرة يزدجرد، لسوء سيرته في الناس، ونصبوا شخصًا آخر مكانه. فلما رأى بهرام ذلك، طلب مساعدة المنذر، فأرسل المنذر قوة بقيادة ابنه النعمان، وسار هو على رأس قوة أخرى قوامها ثلاثون ألفًا من فرسان العرب، ومعه بهرام، وبعد مفاوضات وافق الفرس على خلع من نصبوه كسرى عليهم، وتعيين بهرام، وبفضل هذه المساعدة استعاد التاج٣.

وتناقض هذه الرواية كما نرى من الرواية السابقة التي دونها الطبري نفسه في تعليل سبب بناء الخورنق والتي تحدثت عنها قبل قليل. وقد فطن ابن الأثير الذي نقل الروايتين أيضًا لهذا التناقض، فقال: "هكذا ذكر أبو جعفر، في اسم بهرام جور، أن أباه أسلمه إلى المنذر بن النعمان كما تقدم، وذكر عند يزدجرد الأثيم أنه سلم بهرام إلى النعمان بن امرئ القيس. ولا شك أن بعض العلماء قال هذا وبعضهم قال ذاك، إلا أنه لم ينسب كل قول على قائله"٤. وأبو جعفر هذا هو الطبري.

ولا نعلم شيئًا من أمر النعمان بن المنذر الذي تولى قيادة القوة التي أمر والده بإرسالها للتحرش بمملكة الفرس، بعد أن رفضوا نصب بهرام جور ملكًا عليهم


١ حمزة "ص ٦٩"، الطبري "٢/ ٨٦"، "٢/ ٦٨ وما بعدها"، "دار المعارف".
٢ مروج "٢/ ٢٣".
٣ الطبري "٢/ ٧٤ وما بعدها"، الدينوري، الأخبار الطوال "ص٥٧ وما بعدها"، تحقيق "فلاديمير جرجاس" "طبعة ليدن".
Noldeke, Aufsiltye. S.١٠٤.
٤ ابن الأثير: الكامل "١/ ١٦٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>