للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نحو ما رأيناه في رواية الطبري الثانية١. فقد سكت الطبري عنه كما سكت الآخرون.

ونجد رواية نشأة بهرام جور بأرض العرب في رواية لليعقوبي مختصرة، هي في الواقع جمع للروايتين السابقتين. ذكر اليعقوبي أن يزدجرد دفع بهرام جور إلى النعمان، فأرضعته نساء العرب، ونشأ على أخلاق جميلة. ولما مات يزدجرد كرهت الفرس أن تولي ابنًا له لسوء سيرته، وقالوا: "بهرام ابنه قد نشأ بأرض العرب لا علم له بالملك". وأجمعوا على أن يملكوا رجلًا غيره، فسار بهرام في العرب، فلما لقي الفرس، هابته، فأذعنوا له وأعطوه الطاعة فوعدهم من نفسه خيرًا. وكتب إلى الآفاق يعدهم بذلك. وقدم المنذر بن النعمان عليه، فرفع منزلته٢. فلم تنكر هذه الرواية رواية من زعم أن يزدجرد سلم ابنه إلى النعمان، ولم تنكر صلة المنذر ببهرام جور، ولكنها كما نرى لم تشر إلى اسم من قاد الجيش من العرب وسار إلى الفرس.

ولا يمنع على كل حال قول الأخباريين في بناء النعمان الأول الخورنق لبهرام من كون ابنه هو الذي ساعد بهرامًا على أخذ التاج. لقد سلمه والده صغيرًا إلى النعمان، فلما كبر وترعرع، ومات والده وهو بين عرب الحيرة، وامتنع الفرس من توليه التاج، ساعده المنذر في ذلك. وأخذ له حقه ممن اغتصبه منه.

ويظهر من أخبار الأخباريين أنه كانت للمنذر منزلة عند "يزدجرد". ذكر الطبري أن يزدجرد "دعا بالمنذر بن النعمان، واستحضنه بهرام، وشرفه وأكرمه، وملكه على العرب وحباه بمرتبتين سنيتين، تدعى إحداهما "رام أبزوذ يزدجرد" وتأوليها "زاد سرور يزدجرد"، وتدعى الأخرى "بمهشت" وتأويلها "أعظم الحول"، وأمر له بصلة وكسوة بقدر استحقاقه لذلك في منزلته، وأمره أن يسير ببهرام إلى بلاد العرب٣.

وتناقض هذه الرواية رواية الطبري المذكورة في قصة بناء الخورنق، ورواية بقية أهل الأخبار عن قصة بناء ذلك القصر، وتؤكد أن وفاة "النعمان" الأول


١ الطبري "٢/ ٧٢" "دار المعارف".
٢ اليعقوبي "١/ ١٣٢".
٣ الطبري "٢/ ٦٨ وما بعدها"، Rothstei,N S. ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>