للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تستمر الرواية فتأخذ الحارث إلى الشأم، ليستجير بيزيد بن عمرو الغساني من النعمان وهوازن، فيجيره ويكرمه، ولكنه يذبح ناقة ليزيد، ثم يقتل امرأة أرسلها يزيد لتحري بيت الحارث، ثم يقتل الكاهن الذي تكهن بعقر الحارث للناقة وبقتله للمرأة. فلم يبق أمام يزيد إلا قتل الحارث، فأمر به فقتل١. وعلى هذه الصورة انتهت حياة رجل هو في نظر الأخباريين بطل من أبطال المغامرات والمفاجآت.

وأما الرواية التي تذكر أن ذلك الملك هو النعمان بن امرئ القيس فتقول إن النعمان بن امرئ القيس كان قد تزوج بنتًا من بنات زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، وهو من السادة الأشراف، فأرسل النعمان ذات يوم إلى زهير يستزيره بعض أولاده، فأرسل ابنه شأسًا، وكان أصغر ولده، فأكرمه وحباه، ورجع بهدايا وألطاف كثيرة. فلما بلغ ماء من مياه غني بن أعصر، طمع به رباح بن الأشل، فقتله، واستلب ما كان معه. فلما سمع زهير بمقتل ولده، جاء ديار غني، وأخذ يغير عليها، حتى قتل منها مقتلة عظيمة، فاستجارت غني بحلفائهم بني عامر بن صعصعة، فأنجدوها. وتوسعت الحرب، فاشتركت بها هوازن، وكانت تحقد على زهير؛ لأنه كان يسر بها خسفًا ويجبيها الإتاوة كل سنة بعكاظ، وترأس خالد بن جعفر بن كلاب غنيًّا وبني عامر وهوازن، فقتل زهيرًا، وعاد أبناؤه بجسده ليواروه التراب. وذهب خالد بعد مصرع زهير إلى النعمان مستجيرًا به حين علم أن غطفان ستطلبه به، فأجاره، وضرب له قبة وحماه. وبينما كان في مجلس النعمان، قدم الحارث بن ظالم إلى المجلس، وجرى بينه وبين خالد كلام، أغلظ فيه خالد على الحارث، فحقد الحارث عليه وقرر الانتقام منه، فاغتاله وهرب. فجعل النعمان يطلبه ليقتله بجاره، وهوازن تطلبه لتقتله بسيدها خالد. فلحق ببني دارم من تميم، واستجار بهم، فأجاروه على النعمان. فلما علم النعمان ذلك، جهز جيشًا إلى بني دارم، فلما سمعوا بمجيء الجيش عليهم، استعدوا له، وأرسلوا أموالهم إلى بلاد بغيض، واستعدوا مع بني مالك بن حنظلة وبني عامر للقتال. فلما التقوا بجيش النعمان، قتل رئيس جيش النعمان، وانهزم الجيش. وقيل: إن الحارث بن ظالم ركب إلى الحيرة متخفيًّا، واستقا إبلًا


١ الكامل "١/ ٢٣٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>