للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أثناء كلامه على الحبشة في اليمن وعلى دخول الفرس إليها، كما أشار إلى الموادعة والهدنة التي عقدت بين كسرى أنو شروان والقيصر، وقد سماه "يخطيانوس" أي "جستنيان" "جستنيانوس" "Justinianus فقال: "وكان فيما ذكر بين كسرى أنو شروان وبين يخطيانوس ملك الروم موادعة وهدنة. فوقع بين رجل من العرب كان ملكه يخطيانوس على عرب الشأم يقال له خالد بن جبلة وبين رجل من لخم كان ملكه كسرى على ما بين عمان والبحرين واليمامة إلى الطائف وسائر الحجاز ومن فيها من العرب يقال له المنذر بن النعمان نائرة. فأغار خالد بن جبلة على حيز المنذر، فقتل من أصحابه مقتلة عظيمة وغنم أموالًا من أمواله فشكا ذلك المنذر إلى كسرى وسأله الكتاب إلى ملك الروم في إنصافه من خالد، فكتب كسرى إلى يخطيانوس يذكر ما بينهما من العهد على الهدنة والصلح ويعلمه ما لقي المنذر عامله على العرب من خالد بن جبلة الذي ملكه على من في بلاده من العرب، ويسأله أن يأمر خالدًا أن يرد على المنذر ما غنم من حيزه وبلاده ويدفع إليه دية من قتل من عربها وينصف المنذر من خالد وأن لا يستخف بما كتب به من ذلك فيكون انتقاص ما بينهما من العهد والهدنة بسببه، وواتر الكتب إلى يخطيانوس في إنصاف المنذر فلم يحفل بها. فاستعد كسرى فغزا بلاد يخطيانوس في بضعة وتسعين ألف مقاتل فأخذ مدينة دارا ومدينة الرهاء ومدينة منبج ومدينة قنسرين ومدينة حلب ومدينة أنطاكية وكانت أفضل مدينة بالشام ومدينة فامية ومدينة حمص ومدنًا كثيرة متاخمة لهذه المدائن عنوة واحتوى على ما كان فيها من الأموال والعروض وسبي أهل مدينة أنطاكية ونقلهم إلى أرض السواد"١.

ويظهر من سياق هذه الرواية أن الطبري لم يكن على علم واضح بالمنذر بن النعمان ولا بخالد بن جبلة. وقد نقل روايته هذه من غير نقد ولا مناقشة، فالشخص الذي تخاصم المنذر معه هو الحارث بن جبلة، لا خالد بن جبلة. وقد وهم المورد الذي نقل الطبري منه، فظن أنه خالد بن جبلة. وهو مورد يظهر كما يتبين من سياق الحديث أنه اعتمد على كتاب من كتب التأريخ، لعله من المؤلفات الفارسية أو السريانية، وقد نقل الدينوري منه أيضًا، فذكر خالد بن جبلة٢.


١ الطبري "٢/ ١٢١ وما بعدها"، "٢/ ١٤٩"، "دار المعارف".
٢ الأخبار الطوال "٧٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>