للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعرج بن جبلة، وهي رواية أكثرية الأخباريين١. ويؤيد هذه الرواية روايات المؤرخين السريان الذين سموا اسم ملك عرب الشأم، فدعوه "حرث برجابالا" أي الحارث بن جبلة "حارث بن جبل". ويلاحظ أن ابن العبري استعمل جملة "ملك العرب" للمنذر٢. كما استعملها غيره من المؤرخين.

ويرى "ابن الأثير": أن "الحارث" لما بلغ "عين أباغ" أرسل إلى "المنذر" يقول: إنا شيخان هنا، فلا تهلك جنودي وجنودك، ولكن ليخرج رجل من ولدك، وليخرج رجل من ولدي، فمن قتل خرج عوضه، فإذا فني أولادك وأولادي خرجت أنا إليك، ومن قتل صاحبه ذهب بالملك. فتعاهدا على ذلك. فعهد المنذر إلى رجل من شجعانه، فأمره أن يخرج، ويظهر أنه ابن المنذر. فلما خرج، أخرج إليه الحارث ابنه "أبا بكر". فلما رآه، رجع إلى أبيه، وقال: إن هذا ليس بابن المنذر، إنما هو عبده أبو بعض شجعانه، فقال له الحارث: يا بني أجزعت من الموت؟ فعاد إليه وقاتله، فقتله الفارس، فألقى رأسه بين يدي المنذر. وعاد فأمر الحارث ابنه الآخر بقتاله والطلب بثأر أخيه، فخرج إليه، فشد عليه الفارس وقتله. فلما رأى ذلك" شمر بن عمرو الحنفي"، وكانت أمه غسانية، وهو مع المنذر، غضب، وقال للمنذر. أيها الملك، إن الغدر ليس من شيم الملوك ولا الكرام. وقد غدرت بابن عمك. فغضب المنذر. وهرب "شمر" إلى الحارث فأخبره. فلما كان الغد، أرسل الحارث أصحابه، وحرضهم، وكانوا أربعين ألفًا، واصطفوا للقتال، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وقتل المنذر وهزمت جيوشه. فأمر الحارث بابنيه القتيلين فحملا على بعير، وسار إلى الحيرة فانتهبها وأحرقها، ودفن ابنيه بها، وبنى الغريين عليهما في قول بعضهم٣. والمعروف أن الذي بنى الغريين هو النعمان بن المنذر فوق قبري نديميه.

وأشار حمزة أيضًا إلى اختلاف الرواة في القاتل والمقتول في يوم عين أباغ،


١ ابن الأثير "١/ ٢٢٢".
٢ مختصر تأريخ الدول "ص١٤٨"، "بيروت ١٨٩٠".
Bar Hebraeus, ٨١, Vol, I, P. ٧٦.
٣ الكامل "١/ ٣٢٠ وما بعدها"، العقد الفريد "٣/ ٣٧٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>