للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكان١. وللتثبت من هذا القول، لا بد من الوقوف على موضع ذات الخيار "الحيار" و"الحياران". وقد ذكر ياقوت الحموي أن الحيار صقع من برية قنسرين، كان الولد بن عبد الملك أقطعه القعقاع بن خليد بينه وبين حلب يومان٢.

وهذا الوصف لموقع الحيار ينطبق على ما رواه المؤرخون السريان عن موضع مقتل المنذر كما يوافق رأي من جعل عين أباغ ذات الخيار.

وممن ذهب هذا المذهب، "أبو الفداء"، فقال في حديثه عن "يوم عين أباغ"، "ومن أيام العرب يوم عين أباغ، وكان بين غسان ولخم، وكان قائد غسان الحارث الذي طلب أدراع امرئ القيس، وقيل: غيره. وكان قائد لخم المنذر بن ماء السماء. وقتل المنذر في هذا اليوم، وانهزمت لخم، وتبعهم غسان إلى الحيرة، وأكثروا بينهم القتل. وعين أباغ في موضع يقال له ذات الخيار"٣.

وذكر ابن عبد ربه المتوفي سنة ٣٢٨هـ أن القتيل في يوم عين أباغ هو المنذر ابن ماء السماء وهو الذي تولى ملك الحيرة بعد قابوس وقبل النعمان بن المنذر، الذي قربه "عدي بن زيد العبادي" إلى كسرى. وأما القاتل، فهو الحارث الغساني٤. ومرد أمثال هذا الاختلاف في أسماء الملوك في الروايات، إلى تشابه الأسماء إذ يصعب على الرواة، وهم يعتمدون في رواياتهم على الحفظ، أن يميزوا بعد مدة بين أمثال هذه الأسماء، فيحدث لهم مثل هذا الاضطراب.

ونجد هذا الرأي عند "النويري" كذلك، إذ جعله أيضًا والد "النعمان" الملك الأخير من ملوك الحيرة، والذي قتله كسرى كما سنرى فيما بعد٥.

والنويري هو عيال على "ابن عبد ربه" في كثير من الأخبار، ولا سيما أخبار الأيام.


١ وهو الرب والشهيد على يوم الحيارين والبلاء بلاء.
المعلقة. البيت ٨٢، شرح الزوزني "ص ١٦٩".
٢ البلدان "٣/ ٣٧٥".
٣ المختصر في تأريخ البشر "١/ ٩٧" "بيروت".
٤ العقد الفريد "٦/ ١١٠"، "٥/ ٢٦٠" "لجنة التأليف والترجمة والنشر، ١٩٤٦م".
٥ نهاية الأرب "١/ ٤٣٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>