للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتبين من غربلة الأخبار الواردة عن "يوم أباغ"، "يوم عين أباغ" أن من الأخباريين من يرى أن يوم عين أباغ ويوم حليمة، هما يوم واحد، ولا فرق بينهما، وقالوا إنما عرف ذلك اليوم بـ "يوم حليمة"، لبروز اسم "حليمة" فيه، وهي بنت ملك غسان، تخلق المحاربين وتحثهم على القتال. وأن من الأخباريين من جعل "يوم حليمة" يومًا آخر مغايرًا ليوم عين أباغ، ثم اختلفوا فيه، فمنهم من جعله قبل يوم عين أباغ، ومنهم من جعله بعده. وقد ذكروا أنه كان يومًا عظيمًا، اشترك فيه عدد كبير من المقاتلين، "وعظم الغبار حتى قيل: أن الشمس قد انحجبت وظهرت الكواكب المتباعدة من مطلع الشمس"١. وهذا مما يدل على اشتراك عدد كبير من المقاتلين فيه. وممن ذهب إلى أن "يوم حليمة" هو يوم آخر "ابن الأثير"، وقد جعله بعد "يوم عين أباغ". وقال: أنه وقع في موضع يعرف بـ "مرج حليمة"، وسببه أن المنذر لما قتل أراد ابنه "الأسود" الأخذ بالثأر، فسار في جيش لجب، والتقى بجيش "الحارث" في "مرج حليمة". ولما طالت الحرب، أمر الحارث ابنته "هند" بأن تخلق فتيان غسان، ونادى فتيان غسان: من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي هند فقال لبيد بن عمرو الغساني لأبيه: يا أبي أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول، ثم ركب فرسه، وشد على الأسود، فقتله، وانهزمت لخم ثانية، وقتلوا في كل وجه. وانصرفت غسان بأحسن ظفر في تفاصيل أخرى لا مجال لشرحها هنا٢.

فيتبين من خبر "ابن الأثير" هذا أن الموضع الذي وقع فيه القتال اسمه "مرج حليمة"، وأن اسم ابنة الحارث هو "هند" لا حليمة، وأن المقتول فيه هو "الأسود" لا المنذر، وأن هذا اليوم قد وقع بعد "يوم عين أباغ".

وفي رواية أن الغساسنة تمكنوا في المعركة التي سقط فيها المنذر من أسر أحد أبنائه وهو امرؤ القيس، وبقي في أسرهم على أن أغارت بكر بن وائل على بعض بوادي الشام، فقتلوا ملكًا من ملوك غسان، واستنقذوا امرأ القيس بن المنذر، وأخذ عمرو بن هند بنتًا لذلك الملك يقال لها ميسون٣. وقد ذهب "كوسان دي برسفال" إلى أن هذه الغارة كانت بقيادة أحد أبناء المنذر القتيل، وأنها


١ البلدان "٢/ ٣٢٥ وما بعدها"، أبو الفداء، المختصر "١/ ٩٧".
٢ الكامل "١/ ٣٢٠ وما بعدها".
٣ الأغاني "١١/ ٤٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>