للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشده معلقته، أنشده إياها من وراء سبعة ستور، وذلك لبرص به. وكان الملك يأمر بعد خروج "الحارث" بغسل أثره بالماء، كما يفعل بسائر البرص. فلما أنشده قصيدته هذه، طرب لها الملك كثيرًا، فأمر برفع الستور من بينهما، وأدناه منه، وأطعمه في جفنته، وأمر أن لا ينضح أثره بالماء، ثم جز نواصي البكريين السبعين الذين كانوا رهنًا عنده وسلمها إليه١، تعظيمًا لشأنه، وتقديرًا له ولقومه اليشكريين.

وقد حرض "الحارث" في قصيدته تلك الملك على التغلبيين، وسرد حوادث تأريخية لها علاقة في هذا التعريض مما هاج الملك، وراد في حدة غضبه عليهم.

ذكره بالأراقم، وهم بطون من تغلب، وصورهم كأنهم أناس عزموا على الاعتداء على قومه انتقامًا منهم، لوقائع وقعت بينهم وبين قومه ما بين "ملحة فالصاقب"، حيث ثأر قومه بقتلاهم. أما تغلب، فلم تثأر بقتلاهم، ثم ذكر التغلبيين خصومه، بأن قومه أناس أشداء في الحروب، يعتمدون في القتال على أنفسهم، ولا يركنون إلى أحد، ساروا من البحرين سيرًا شديدًا، حتى بلغوا "الأحساء"، طووا المسيرة سيرًا وإغارة على القبائل، ثم لم يكتفوا بذلك، فأغاروا على "تميم" فلما دخل الشهر الحرام، كفوا عن القتال، حرمةً له، وعندهم سبابا من بنات القبائل صرن إماءً لهم. ثم ذكر الملك بامتناع "تغلب" من الانضمام إليه للحرب معه، على حين نصره قومه، وحاربوا معه. وكيف غلبوا على أمرهم، غلبهم الملك. وكيف ذهبت دماء تغلب هدرًا، لم يؤخذ بثأرها وهو لا يترك قومه دماؤهم هدرًا، إذ يأخذون بالثأر من قتلة قتلاهم. ثم انتقل إلى يوم "الشقيقة"، حيث جاءت "معد"، ولكل حي منها لواء حول "قيس بن معد يكرب" من ملوك حمير، وبين كيف أن قومه تعرضوا لقيس ولمن معهم، حتى ردهم بطعن خرج به الدم من جروحهم خروج الماء من أفواه القرب، ثم انتقل إلى وصف قتالهم مع "حجر بن أم قطام"، وكانت له كتيبة فارسية خضراء لما ركب دروع الكتيبة، وجلا صدأها، ثم حدث عن كيفية فكهم غل "امرئ القيس" من حبسه بعد أن طال حبسه ونال منه العناء٢.


١ شرح المعلقات للزوزني، "ص١٥٤"، دار صادر"، "بيروت ١٩٥٨م".
٢ ويرى بعض علماء الأدب أن المراد "فارسية خضراء"، دروع وبيض فارسية، ركبها الصدأ، شرح الزوزني "ص ١٦٥" "صادر".

<<  <  ج: ص:  >  >>