للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر أن الصورة التي رسمها الأخباريون لقابوس إنما حصلوا عليها من شعر الهجاء الذي قيل فيه، وأن ما أورده عنه من لين وضعف هو في حاجة إلى دليل، إذ يظهر من الموارد الأخرى مثل التواريخ السريانية أنه كان على العكس١. وقد يكون لتوليه الحكم، وهو رجل متقدم في السن، أصل في ذلك الهجاء. فالذي يظهر من أخباره أنه ولي الحكم وهو شيخ كبير. وأما اللقب الذي لقب به وهو قينة العرس، فقد انتزعه الأخباريون من شعر منسوب إلى طرفة هجا فيه عمرو بن هند وقابوسًا، وهو قوله:

يأت الذي لا تخاف سبته ... عمرو وقابوس قينتا عرس٢

وقد ذكر المؤرخ "مارسليانوس" "Marsilianus" رجلاً سماه "Chabus"، ذكره مع المنذر الثالث في حوادث سنة "٥٣٦م"٣. ويرى "روتشتاين" أن المراد به رجل آخر غير قابوس. فلو كان هو المقصود به كان قابوس إذن شيخًا هرمًا حين انتقل الملك إليه، ولكنه لا ينفي مع ذلك عدم جوازه٤ وقد أشرت إلى إرسال أخيه عمرو إليه في حملة انتقامية على عرب الشأم، وذلك في سنة "٥٦٦" وسنة "٥٦٧م".

ولما تولى قابوس الحكم، أغار على بلاد الشأم، وكان يحكم عرب الشأم المنذر بن الحارث بن جبلة إذ ذاك. وقد ذكر "ابن العبري" أن المنذر بن الحارث "منذر برحرت" كان نصرانيًّا وأن جنوده كانوا نصارى كذلك. ولم يشر إلى نصرانية قابوس. ويفهم من جملة ابن العبري "وقد أغار قابوس على العرب النصارى" ما يؤيد هذا الظن. وقد ظفر قابوس بغنائم عديدة أخذها وعاد بها غير أن المنذر جمع جيشه وسار يتعقبه. فلما التقى به، تغلب عليه، وأخذ منه أموالًا كثيرة وعددًا كبيرًا من الجمال. ولما أعاد قابوس الكرة، انهزم، فذهب إلى الفرس يلتمس منهم عونًا ومددًا٥. ويظهر من رواية أخرى أن انتصار المنذر على قابوس كان في سنة "٨٨١" من التقويم السلوقي وهي توافق سنة "٥٧٠" للميلاد٦.


١ Rothstein, S. ١٠٢, Caussin, Essai, II, ١٢٩.
٢ اليعقوبي "١/ ١٧٢".
٣ Noldeke: Sassa, ٣٤٥, Rothstein, S. ١٠٢.
٤ Rothstein, S. ١٠٢.
٥ Bar Hebraeus, Vol, I, P. ٧٩.
٦ Land: Anecd. Syr, I, ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>