للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحال، فتعقبها البراض، حتى إذا انتهى عروة إلى أهله دوين الجريب بماء يقال له "أوارة"، أنزل اللطيمة وخل قبته فنام، ووثب عليه البراض فقتله، ثم أتى خيبر، فكان بسببه حروب الفجاء بين كنانة وقيس١.

وقد عرف بعض العلماء اللطيمة بأنها "سوق المسك" أو العير التي كانت تحمل المسك، ولكن اللطيمة قافلة كانت تحمل تجارة يرسلها ملوك الحيرة، ولا سيما النعمان بن المنذر إلى سوق عكاظ خاصة لبيعها هناك، وكانت تعود محملة بما تشتريه من تجارة اليمن والحجاز، وما يأتي به العرب وسائر التجار إلى السوق في أثناء الموسم. وهي تجارة ثمينة تعود على النعمان بأرباح طائلة وثروة كبيرة. ولوصولها سالمة إلى السوق ثم لعودتها سالمة من السوق إلى الحيرة، كان لا بد من حمايتها بوضعها في جوار سادات أقوياء شجعان يتعهدون بإمرارها بسلام في أرض قبائلهم ثم تسليمها إلى سادات الأرض التي تليهم، وهكذا إلى السوق أو العكس. وقد يقوم مجير اللطيمة نفسه بتولي اللطيمة في الذهاب والأوبة، لمقامه ولوجود عهود جوار بينه وبين سادات القبائل الأخرى، وإلا تعرضت اللطيمة للسلب والنهب. وإذا ما أغضب الملك خفراء اللطيمة، أو انتزاع الخفارة منهم فأعطاها لأناس آخرين، أو أزعج بعض سادات القبائل التي تمر القافلة في أرضهم، فلن ينفعه ملكه في حماية سلامة القافلة، فتنهب فلا يقبض منها شيئًا ما، وهو لا يستطيع أن يفعل شيئًا؛ لأن سلطانه لا يصل إلى كل مكان٢.

وفي أيام النعمان كان يوم شعب جبلة، وهو لعامر وعبس على ذبيان وتميم، وهو من أيام العرب المشهورة في نظر الأخباريين. وقد اشترك النعمان فيه بمساعدته لقيط بن الجون الكلبي ملك هجر، وإرساله أخاه لأمه حسان بن وبرة الكلبي لمعاونة لقيط، ويلاحظ أن الرواة قد لقبوا لقيطًا بلقب ملك، وأشاروا إلى اشتراك جملة ملوك في هذا اليوم٣.

وكان حسان بن وبرة شقيق النعمان لأمه رئيسًا على ضبة. وقد أسره يزيد بن الصعق في الغارة التي قامت بها بنو عامر على تميم وضبة، وانهزمت فيها


١ المحبر "ص ١٩٦".
٢ الكامل في التاريخ "١/ ٣٥٨".
٣ العقد الفريد "٦/ ١٠ وما بعدها" "طبعة العريان".

<<  <  ج: ص:  >  >>