للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جملة "وصبروا على قتال المنذر" ومن روايات الأخباريين الأخرى أن القتل كان في أيام المنذر.

وفي رواية أخرى أن الحارث بقي في كلب حتى توفي فيما بينهم حتف أنفه١.

وقد أضافت الرواية التي تنسب إلى "أبي عبيدة" إلى هذا الخبر أنه دفن بـ"بطن عاقل"٢. والظاهر أن إضافة "بطن عاقل" إنما وقعت سهوًا واشتباهًا من باب عدم التمييز فيما بين "حجر" الذي زعم أنه دفن بـ"بطن عاقل" وبين "الحارث"٣.

وجاء في رواية أن الحارث خرج يتصيد، فرأى جماعة من حمر الوحش فشد عليها، وانفرد منها حمار فتتبعه، وأقسم ألا يأكل شيئًا قبل كبده، فطلبته الخيل ثلاثة أيام حتى أدركته، وأتي به، وقد كاد يموت من الجوع، ثم شوي على النار وأطعم من كبده وهي حارة؛ فمات٤.

ولا تخلو هذه الروايات المتعلقة بموت "الحارث" ونهايته من مؤثرات العواطف القلبية التي صبغت كل الأخبار التي يرويها الأخباريون بهذه الصبغة. فكلب تدعي أنها هي التي قتلته، وكندة تنكر ذلك مدعية أنه مات كما يموت سائر الناس، وأهل الحيرة يقولون إنهم هم الذين قتلوه، قتلوه في حرب. وأبو الفرج الأصبهاني يقول: "فكلب يزعمون أنهم قتلوه، وعلماء كندة تزعم أنه خرج إلى الصيد فالظ بتيس من الظباء، فأعجزه فآلى أن لا يأكل أولًا إلا من كبده، فطلبته الخيل ثلاثًا، فأتي بعد ثالثة، وقد هلك جوعًا، فشوي له بطنه فتناول فلذة من كبده، فأكلها حارة فمات"٥.

ولورود خبر مقتل "الحارث" مسجلًا تسجيلًا دقيقًا لدى الكاتبين المذكورين: "ملالا" و"ثيوفانس"، ومطابقته لرواية أهل الحيرة في النتيجة، وهو أن مقتله كان على أيدي "المنذر" وجماعته نرجح هذه الرواية على غيرها من الروايات.


١ وزعم ابن قتيبة أنه مكث فيهم حتى مات حتف أنفه" الأغاني "٨/ ٦٢"، أبو الفداء "١/ ٧٤".
٢ العقد الفريد "٣/ ٧٧"، نهاية الأرب "١٥/ ٤٠٦"، العقد الفريد "٦/ ٨٧ وما بعدها" "طبعة محمد سعيد العريان"، OLINDER, P. ٦٨
٣ OLINDER, P.٦٨
٤ أيام العرب "٤٦".
٥ الأغاني "٨/ ٦٢"، ابن الأثير "١/ ٢١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>