للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا من غيرهم من بني أسد أحدًا. قالوا. بلى، ولكنك رجل مشئوم، وكرهوا قتالهم بني كنانة، وانصرفوا عنه، ومضى هاربًا لوجهه حتى لحق بحمير١.

ولما أقبل امرؤ القيس من الحرب على فرسه الشقراء، لجأ ابن عمته "عمرو بن المنذر" وأمه "هند بنت عمرو بن حجر آكل المرار"، وذلك بعد قتل أبيه وأعمامه، وتفرق ملك أهل بيته، وكان عمرو يومئذ خليفة لأبيه المنذر بـ"بقة"، فمدحه وذكر صهره ورحمه، وأنه قد تعلق بحباله، ولجأ إليه فأرجاه ومكث عنده زمانًا. ثم بلغ المنذر مكانه عنده، وأنذره عمرو، فهرب حتى أتى حمير٢.

وفي رواية يرجعها الرواة إلى "ابن الكلبي" و"الهيثم بن عدي" و"عمر بن شبة" و"ابن قتيبة": أن "امرأ القيس" خرج فورًا بعد امتناع بكر بن وائل وتغلب من أتباع بني أسد إلى اليمن، فاستنصر أزد شنوءة، فأبوا أن ينصروه وقالوا: إخواننا وجيراننا، فنزل بقيل يدعى "مرثد الحير بن ذي جدن الحميري"، وكانت بينهما قرابة، فاستنصره واستمده على بني أسد، فأمده بخمسمائة رجل من حمير، ومات مرثد قبل رحيل امرئ القيس بهم، وقام بالمملكة بعده رجل من حمير يقال له: قرمل بن الحميم، وكانت أمه سوداء، فردد امرؤ القيس، وطول عليه حتى هم بالانصراف ... فأنفذ له ذلك الجيش، وتبعه شذاذ من العرب، واستأجر من قبائل العرب رجالًا، فسار بهم إلى بني أسد، ومر بـ"تبالة"، وبها صنم للعرب تعظمه يقال له "ذو الخلصة"، فاستقسم عنده بقداحه، وهي ثلاثة: الآمر والناهي والمتربص، فأجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي، فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم، وقال: مصصت بظر أمك لو أبوك قتل ما عقتني، ثم خرج فظفر بـ"بني أسد"٣.

فلما ظفر بهم، فقال هذه الأبيات:

قولا لِدودانَ عَبيدِ العَصا ... ما غَرَّكُم بِالأَسَدِ الباسِلِ

قَد قَرَّتِ العَينانِ مِن مالِكٍ ... وَمِن بَني عَمروٍ وَمِن كاهِلِ

وَمِن بَني غَنمِ بنِ دودانَ إِذ ... نَقذِفُ أَعلاهُم عَلى السافِلِ


١ الأغاني "٨/ ٦٧"، ابن الأثير، الكامل "١/ ٣٠٦ وما بعدها".
٢ الأغاني "٨/ ٦٧".
٣ الأغاني "٨/ ٦٧ وما بعدها"، البداية والنهاية، لابن كثير "٢/ ٢١٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>