للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَّت لِيَ الخَمرُ وَكُنتُ اِمرَأً ... عَن شُربِها في شُغُلٍ شاغِلِ

فَاليَومَ أشْربُ غَيرَ مُستَحقِبٍ ... إِثمًا مِنَ اللَهِ وَلا واغِلِ

وهي أبيات يفهم منها أنه أوقع في "بني دودان" و"بني مالك" و"بني عمرو" و"بني كاهل" و"بني غنم بن دودان"، وهي بطون من بني أسد، وهي التي قتلت أباه حجرًا، قالها بعد أن أنجده "قرمل بن الحميم الحميري" وأنه ألبسهم الدروع المحماة، وكحلهم بالنار، فبر بيمينه، وحل له شرب الحمر١.

وبنو دودان هم بنو ثعلبة بن دودان بن أسد، وإلى ثعلبة هذا تنسب الثعلبية التي بين الكوفة ومكة. وهم جملة بطون ذكرها أهل الأنساب٢.

وإلى "قرمل" أشار "امرؤ القيس" في شعره:

وَكُنّا أُناساً قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ ... وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا

وهو من "السحول" من "ذي الكلاع"٣.

وفي رواية تنسب إلى "الخليل بن أحمد الفراهيدي" أن رجالًا من قبائل "بني أسد" فيهم "قبيصة بن نعيم" وكان في بني أسد مقيمًا، قدموا على امرئ القيس بعد مقتل أبيه؛ ليعتذروا إليه وليسووا قضية قتل والده، فرفض إلا الانتقام من "بني أسد" قائلًا: "لقد علمت العرب أن لا كفء لحجر في دم، وأني لن أعتاض به جملًا أو ناقة، فاكتسب بذلك سبة الأبد وفت العضد. وأما النظرة، فقد أوجبتها الأجنة في بطون أمهاتها، ولن أكون لعطبها سببًا وستعرفون طلائع كندة من بعد ذلك تحمل القلوب حنقًا وفوق الأسنة علقًا"٤.

وتذكر الرواية أنه خرج إليهم بعد إبطاء دام ثلاثة أيام، وهو في قباء وخف وعمامة سوداء، وكانت العرب لا تعتم السواد إلا بالثارات، فلما نظروا إليه، وبدر إليه قبيصة، يتكلم باسمهم معتذرًا، طالبًا الصفح عنهم، ودفع الدية عن


١ السندوبي "ص١٥١"، الشعر والشعراء "٤٣ وما بعدها" OLINDER, P. ١٠٢
٢ جمهرة أنساب العرب، لابن حزم "ص١٨٢".
٣ الاشتقاق "ص٣٠٧، ٣٠٩".
٤ الأغاني "٨/ ٧٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>