للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيس"، وتركتاه. ولما عرفت جموع "امرئ القيس" بتطلب "المنذر بن ماء السماء" له، تفرقت خوفًا من المنذر، وخاف "امرؤ القيس"، وصار يدخل على قبائل العرب وينتقل من أناس إلى أناس حتى قصد "السموءل بن عاديا" اليهودي، فأكرمه وأنزله، وأقام عنده ما شاء الله، ثم سار إلى قيصر مستنجدًا به١.

ينفي خبر "ابن خلدون" المتقدم، خبر انتقام امرئ القيس من بني أسد، وهو يتفق بذلك مع رواية مؤيدة لبني أسد تنكر أخذ امرئ القيس بثأره من بني أسد، وتروي في ذلك أبياتًا تنسبها أسد إلى "عبيد بن الأبرص" شاعر بني أسد. قال ابن قتيبة: "وقد ذكر امرؤ القيس في شعره أنه ظفر بهم، فتأبى عليه ذلك الشعراء". قال عبيد:

ياذا المخوفنا بقتل أبيه ... إذلالًا وحينا

أزعمت أنك قد قتلت ... سراتنا كذبًا ومينا٢

وعبيد هذا هو الذي زعم "ابن الكلبي" وأضرابه أنه قال أبياتًا يتوسل فيها إلى "حجر" أن يترفق بقبائل بني أسد، وأن يعفو عنها، ويقبل ندامتها، فيسمح لها بالعودة إلى مواطنها. وكان قد أمر بإجلائها إلى تهامة؛ لأنها أبت دفع الإتاوة إلى جابي "حجر"، وضربته، وضرجته ضرجًا شديدًا. ومطلعها:

يا عَينِ فَاِبكي ما بَني ... أَسَدٍ فَهُم أَهلُ النَدامَة

ويقول ويقولون: إنه لما سماعها رق على "بني أسد"، فبعث في إثرهم وسمح لهم بالعودة من تهامة٣. وهو قول فيه تحيز على بني أسد.

ويفهم من هذه الأبيات:

كَأَنّي إِذ نَزَلتُ عَلى المُعَلّى ... نَزَلتُ عَلى البَواذِخِ مِن شَمامِ

فَما مُلكُ العِراقِ عَلى المُعَلّى ... بِمُقتَدِرٍ وَلا مُلكُ الشَآمِي


١ أبو الفداء "١/ ٥٧"، خزانة الأدب، "٣/ ٥٣٢"، الكامل لابن الأثير "١/ ٣٠٨ وما بعدها".
٢ ابن قتيبة "ص٣٣"، الشعر والشعراء "١/ ٥٠ وما بعدها" "دار الثقافة، بيروت، ١٩٦٤"، خزانة الأدب "١/ ١٥٨ وما بعدها" تاريخ اليعقوبي "٢/ ١٨٩" "طبعة النجف"، الشعر والشعراء "ص٣٩"، "طبعة ليدن".
٣ الأغاني "٨/ ٦٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>