للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولا لِدودانَ عَبيدِ العَصا ... ما غَرَّكُم بِالأَسَدِ الباسِلِ

يَا أيُّها السَّائِلُ عَنْ شَأنِنَا ... لَيْسَ الذي يَعْلَمُ كالجَاهِلِ

حَلَّت لِيَ الخَمرُ وَكُنتُ اِمرَأً ... عَن شُربِها في شُغُلٍ شاغِلِ

وطلبت قبائل معد امرأ القيس، وذهب من كان معه، وبلغه أن المنذر ملك الحيرة قد نذر دمه، فأراد الرجوع إلى اليمن، فخاف حضرموت، وطلبته بنو أسد وقبائل معد، فلما علم أنه لا قوة به على طلب المنذر واجتماع قبائل معد على طلبه ولم يمكنه الرجوع، سار إلى "سعد بن الضباب الإيادي، وكان عاملًا لكسرى على بعض كور العراق فاستتر عنده حينًا حتى مات سعد بن الضباب"، فخرج امرؤ القيس إلى جبل "طيء" ونزل بقوم من طيء، ثم لم يزل في طيء مرة وفي جديلة مرة وفي نبهان مرة حتى صار إلى "تيماء" فنزل بالسموءل بن عادياء فأودعه أدراعه وانصرف عنه إلى قيصر١.

وذكر "ابن خلدون" أن "امرأ القيس" سار صريخًا إلى "بني بكر" و"تغلب" فنصروه، وأقبل بهم، فأجفل "بنو أسد" وساروا إلى "المنذر بن امرئ القيس" ملك الحيرة، وأوقع "امرئ القيس" في "كنانة"، فأثحن فيهم، ثم سار في ملاحقة "بني أسد" إلى أن أعيا ولم يظفر منهم بشيء، ورجعت عنه بكر وتغلب، فسار إلى "مؤثر الخير بن ذي جدن" من ملوك حمير صريحًا بنصره بخمسمائة من حمير، ويجمع من العرب سواهم. وجمع المنذر لامرئ القيس ومن معه، وأمده كسرى أنو شروان بجيش من الأساورة، والتقوا، فانهزم امرؤ القيس، وفرت حمير ومن كان معه، ونجا بدمه، وما زال ينتقل في القبائل والمنذر في طلبه، وسار إلى قيصر صريخًا فأمده، ثم سعى به "الطماح" عند قيصر أنه يشبب ببنته، فبعث إليه بحلة مسمومة كان فيها هلاكه ودفن بأنقرة٢.

و"أبو الفداء" من الذين نفوا كذلك خبر إيقاع "امرئ القيس" بـ"بني أسد". فهو يرى أنه لم يظفر بهم، وأن "بني أسد" هربت حينما علمت بمجيء "بكر" و"تغلب". فلما أعجز القبيلتين الطلب، تخاذلتا عن "امرئ


١ اليعقوبي "١/ ١٨٠".
٢ ابن خلدون "٢/ ٢٧٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>