للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"طيء" ثم من "بني جرم". وقد أقام امرؤ القيس عنده، حتى قبل عامر امرأة امرئ القيس، فأعلمته بذلك، فسار امرؤ القيس إلى "جارية بن مر الطائي" ثم "الثعلي" المعروف بـ"أبي حنبل"، فلم يصادفه، وصادف ابنه. فقال له ابنه: "أنا أجيرك من الناس كلهم إلا من أبي حنبل". فرضي بذلك وتحول إليه. فلما قدم أبو حنبل رأى كثرة أموال امرئ القيس وأعلمه ابنه بما شرط له في الجوار. فاستشار في أكله نساءه. فكلهن أشرن عليه بذلك: وقلن له: "إنه لا ذمة له عندك". ولكنه خالفهن بعد أن فكر في نفسه وفي سوء عاقبة الغدر ثم قرر الوفاء، فعقد له جوارًا ثم ركب في أسرته حتى نزل منزل عامر بن جوين ومعه امرؤ القيس، فقال له: "قبل امرأته كما قبل امرأتك. ففعل"١.

وذكر أهل الأخبار أن "المنذر بن النعمان الأكبر"، ضغن على "عامر بن جوين الطائي، لما أجار "امرأ القيس" أيام كان مقيمًا بالجبلين، وقال كلمته التي يقول فيها:

هنالك لا أعطي مليكًا ظلامة ... ولا سوقة حتى يئوب ابن مندلة

فلما وفد عليه، وذلك بعد انقضاء ملك كندة ورجوع الملك إلى لخم. ودخل عليه، أنَّبَه على فعلته وهدده بغزو قومه، وبإنزاله العقوبة الصارمة بهم، فخرج "عامر" من عنده، بعد أن قال له: "إن البغي أباد عَمْرًا، وصرع حجرًا، وكان أعز منك سلطانًا، وأعظم شأنًا، وإن لقيتنا لم تلق أنكاسًا ولا أغساسًا، فهبش وضائعك وصنائعك، وهلم إذا بدا لك، فنحن الأُلَى قسطوا على الأملاك قبلك"، ثم أتى راحلته، وأنشأ يقول أبياتًا يتوعد فيه الملك٢.

ويشير أهل الأخبار إلى ملك من ملوك كندة، عرف بـ"أبي جبر". قالوا عنه، إنه كان ملكًا شديد البأس، خرج إلى "كسرى" يستجيشه على قومه، فأعطاه جيشًا من الأساورة، فلما بلغوا "كاظمة" ونظروا إلى بلاد العرب قالوا: أين يمضي بنا هذا الرجل، وعمدوا إلى سم، دفعوه إلى طباخه،


١ المحبر "ص٣٥٢ وما بعدها".
٢ كتاب ذيل الأمالي "١٧٧"، "المجلس الأول: مطلب ما دار من الحديث بين المنذر بن النعمان الأكبر وعامر بن جوين الطائي لما وفد عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>