للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألقاه في أحب الألوان إليه، فلما استقر في جوفه، مرض وتوجع، فجاء الأساورة إليه، طالبين منه أن يكتب لهم أنه قد أذن لهم بالرجوع، فكتب لهم، فرجعوا وخف ما به، فخرج إلى "الطائف" إلى "الحارث بن كلدة الثقفي"، ليداويه فداواه وبرئ، ثم ارتحل يريد اليمن، فنكس ومات. وكانت له عمة اسمها "كبشة" فرثته١.

هذه قصة "كندة"، وهذه حكاية شاعرها "امرئ القيس" الذي يعود إليه الفضل في حفظ الأخباريين لتأريخ كندة.

أما شعر امرئ القيس وديوانه وصحيحه وفاسده، فقد تحدث العلماء فيه، ولهم فيه كلام يخرجني التعرض له عن صلب هذا الموضوع. فعلى مقالاتهم المعول في هذه الأمور.

يتبين للقارئ بعد غربلة الأخبار المتقدمة، أن كندة كانت قد تمكنت من الهيمنة على القبائل النازلة في أواسط جزيرة العرب، ومن تكوين مملكة لها، بلغت أوج ملكها في القرن الخامس للميلاد، إلا أن ملكها على عادة حكومات القبائل لم يدم طويلًا، فسرعان ما أخذ بنيانه يتآكل ويتداعى، فأخذت أجزاؤه تتساقط، وعادات القبائل التي اضطرت بقانون القوة المتحكم في البادية إلى الانفصال عنها وإلى استعادة حريتها بذلك القانون أيضًا. فخسرت كندة ملكها الذي شمل نجدًا ووصل العراق، وبقي رؤساء منها يتحكمون في حضرموت، ثم أخذوا يتعاملون مع قبائل عربية جنوبية أخرى لتوسيع ملكهم لا سيما بعد تركهم نجدًا ولجوئهم إلى حضرموت، ويقدر بعض الباحثين عدد من جاء إلى حضرموت من كندة بحوالي ثلاثين ألف رجل، نزل أكثرهم في "دمون"٢.


١ نزهة الجليس "١/ ٤٨٤".
٢ beltrage, s. ١٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>