للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمى "حصن الغراب" وهو الآن خرابز وقد عثر الباحثون في أنقاضه على كتابة وسمت بـ cih ٧٢٨ دونها" صيد أبرد من مشن" "صيد أبرد بن مشان"، أحد أقيال "بدش" "باداش". وورد فيها اسم "قنا". وقد كان لهذا الحصن شأن كبير في تلك الأيام لحماية الجزيرة والميناء من الأعداء المهاجمين ومن لصوص البحر. وللدفاع عن التجار الذين كانوا يتاجرون مع إفريقيا والهند. ولهذا اهتم "السميفع أشوع" وأولاده بترميمه وبإصلاحه وتقويته١.

وأما ميناء "قنا" الذي ذكرته في مواضع من هذا الكتاب، وهو في الموضع المسمى بـ"بير علي" في الوقت الحاضر على رأي بعض الباحثين، فقد كان من الموانئ المهمة على البحر العربي. وقد كان مرفأ للتجارة الآتية من الشمال، أو من البحر لإرسالها إلى "شبوة" ومواضع أخرى في شمال هذا الميناء٢.

ومما يلاحظ أن المواضع الآثارية التي على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب قليلة معدودة. وتكاد تنحصر في أرض عدن وأبين وحصن الغراب وفي مواضع من أطراف "ظفار" وحول "المكلا" و"الشحر" وساحل مهرة. مع أن السواحل هي من المواضع التي يجب أن تكون في العادة عامرة بالمدن والمرافئ بسبب سهولة اتصالها بالعالم الخارجي. ووقوعها على طرق مائية تجلب إليهن السفن والناس. والظاهر أن وخامة الجو في هذه السواحل وصعوبة حماية الساحل من لصوص البحر، وتفشي الأمراض، وملوحة المياه الجوفية، وأسبابًا أخرى، كانت في جملة ما حال بين الناس وبين بناء المدن على هذه السواحل٣.

وقد اشتهرت "ظفار" بأنها المرفأ المعد لتصدير اللبان والمر وحاصلات البلاد العربية الجنوبية الأخرى. وكان محاطًا بسور. أما المواضع الأخرى، فلم تكن مسورة في الغالب، وقد أشار "كرب أيل وتر" في أخباره عن حروبه في السواحل الجنوبية أنه خرب مدينة "تفض" في "أبين"، وأحرق مواضع أخرى على البحر، يظهر أنها لم تكن مسورة، ويظهر أن هذه السواحل لم تكن مأهولة مثل الأرضين الشمالية العالية، فلم يعثر الباحثون على كتابات كثيرة فيها


١ Beitrage, s. ٩١٠
٢ Beitrage, s. ٩٣٠
٣ Beitrage, s. ٨٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>