للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجارة سودًا لها بريق، وفوقها حجارة بيضًا لها بريق، فكان هذا ظاهر حائط القليس. وكان عرضه ستة أذرع. وكان للقليس باب من نحاس عشرة أذرع طولًا في أربع أذرع عرضًا. وكان المدخل منه إلى بيت في جوفه، طوله ثمانون ذراعًا في أربعين ذراعًا معلق العمد بالسياج المنقوش ومسامير الذهب والفضة، ثم يدخل من البيت إلى إيوان طوله أربعون ذراعًا، عن يمينه وعن يساره، وعقوده مضروبة بالفسيفساء مشجرة، بين أضعافها كواكب الذهب ظاهرة، ثم يدخل من الإيوان إلى قبة ثلاثون ذراعًا في ثلاثين ذراعًا، جدرها بالفسيفساء، فيها صلب منقوشة بالفسيفساء والذهب والفضة، وفيها رخامة مما يلي مطلع الشمس من البلق مربعة عشر أذرع في عشر أذرع، تغشي عينَ من ينظر إليها من بطن القبة تؤدي ضوء الشمس والقمر إلى داخل القبة، وكان تحت القبة منبر من خشب اللبخ، وهو عندهم الآبنوس، مفصد بالعاج الأبيض. ودرج المنبر من خشب الساج ملبسة ذهبًا وفضة. وكان في القبة سلاسل فضة١. وفي القبة أو في البيت خشبة ساج منقوشة طولها ستون ذراعًا يقال لها كعيب، وخشبة من ساج نحوها في الطول يقال لها: امرأة كعيب كانوا يتبركون بهما في الجاهلية. وكان يقال لكعيب الأحوزي، والأحوزي بلسانهم الحر٢.

وكان أبرهة قد أخذ العمال بالعمل أخذًا شديدًا، وأمر بالعمل في بناء الكنيسة ليل نهار. وإذا تراخى عامل أو تباطأ عن عمله أنزل وكلاؤه به عقابًا شديدًا، يصل إلى قطع اليد. وبقي هذا شأنه ودأبه حتى أكمل بناؤها وسر من رؤيتها، فأصبحت بهجة للناظرين.

ونجد في وصف "الأزرقي" ومن تقدم عليه من أهل الأخبار للقليس شيئًا من المبالغة، ولكنه على الإجمال وصف يظهر أنه أخذ من موارده وعته وشاهدته وأدركته. لذلك جاء وصفًا حيًّا نابضًا بالحياة، ينطبق على الكنائس الضخمة التي أنشئت في تلك الأيام في القسطنطينية أو في القدس أو في دمشق، أو في المدن الأخرى. والظاهر من هذا الوصف، أن فن العمارة اليماني القديم قد أثر في شكل بناء هذه الكنيسة، التي تأثرت بالفن البيزنطي النصراني في بناء الكنائس.


١ نهاية الأرب "١/ ٣٨٢".
٢ الأزرقي "١/ ٨٤ وما بعدها"، "١/ ٩٠"، "خياط".

<<  <  ج: ص:  >  >>