للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجريبية سبقت تلك الحملة. وحجة الفريق الأول ما ورد في بعض الروايات من أن مولد الرسول كان بعد عام الفيل بثلاث وعشرين سنة١. أي في حوالي السنة "٥٤٧" للميلاد. وهو تأريخ ينطبق مع السنة المذكورة في النص، إذا أخذنا برأي من يجعل مبدأ التقويم الحميري سنة "١١٥" قبل الميلاد٢. ومن ورود رواية أخرى في حساب السنين عند قريش، تظهر بنتيجة حسابها وتحويلها أن عام الفيل كان في سنة "٥٥٢" بعد الميلاد، وهو تأريخ ينطبق مع تأريخ النص أيضًا إذا أخذنا برأي "ريكمنس" في مبدإ التقويم الحميري من أنه كان سنة "١٠٩" لا "١١٥" قبل الميلاد٣.

وأبرهة هذا هو "صاحب الفيل" الذي قصد بفيلته وجنده هدم الكعبة وإكراه الناس على الحج إلى "القُليس" الكنيسة التي بناها بمدينة "صنعاء" في روايات الأخباريين. وهي كنيسة قال عنها أهل الأخبار، إنها كانت عجيبة في عظمتها وضخامتها وتزويقها من الداخل والخارج، حتى إن "أبرهة" لما انتهى من بنائها كتب إلى النجاشي: "إني قد بنيت لك بصنعاء بيتًا لم تبن العرب ولا العجم مثله"٤. أو "إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك. كان قبلك"٥.

ويبالغ أهل الأخبار في وصفها فيذكر "الأزرق"، أنه بناها بجانب قصر غمدان، وأنه أقامها بحجارة قصر بلقيس بمأرب، نقلها العمال والفعلة والمسخرون من مأرب إلى صنعاء. فهدموا ذلك القصر وأخذوا حجره يصلح للبناء من مادة، ثم نقلوه إلى صنعاء لاستعماله في بناء تلك الكنيسة التي بنوها بناءً ضخمًا عاليًا، وجعلوا جدرانها من طبقات من حجر ذي ألوان مختلفة.

لون كل طبقة يختلف عن الطبقة التي تحتها أو التي فوقها. وزينوا الجدران بأفاريز من الرخام والخشب المنقوش. وجعلوا الرخام ناتئًا عن البناء، وجعلوا فوق الرخام


١ البدء والتأريخ "٤/ ١٣١ وما بعدها"، تأريخ العرب في الإسلام "١/ ٩١".
٢ Le museon, ١٩٦٥, ٣-٤, pp. ٤٢٦, ٤٢٧
٣ Le museon, ١٩٦٥, ٣-٤, pp. ٤٢٧, ٤٢٨.
٤ الأزرقي "١/ ٨٢ وما بعدها"، تفسير الطبري "٣٠/ ١٩٣"، تفسير القرطبي "٢٠/ ١٨٧".
٥ ابن هشام "١/ ٤٣"، ابن كثير، البداية "٢/ ١٦٩"، "٢/ ١٧٠ وما بعدها، "مطبعة السعادة، سنة ١٩٣٢م"، "القاهرة، تفسير ابن كثير "٤/ ٥٤٨ وما بعدها"، "عيسى البابي الحلبي".
١٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>