وقد أمر "أبرهة" ببناء كنيسة في "مأرب" أشار إلى بنائها في نصه الشهير، أقامها في سنة "٥٤٢م"، ورتب لخدمتها جماعة من منتصرة سبأ، واحتفل هو نفسه بافتتاحها، ولعله استعان ببنائها بحجارة قصور مأرب ومعبدها الكبير، وذلك لأن حجارتها منحوتة نحتًا جيدًا، يجعل من السهل استعمالها في البناء على حين يتطلب الحجر الجديد وقتًا طويلًا وأموالًا باهظة. ولهذا السبب ذهب أهل الأخبار إلى أنه أمر بنقل حجارة قصر مأرب إلى صنعاء.
جدار معبد "أوم""أوام" بمأرب، وهو معبد اله سبأ من كتاب (Qataban and Sheba)
لقد أصيب مشروع أبرهة الرامي إلى هدم الكعبة والاستيلاء على مكة بإخفاق ذريع، يذكرنا بذلك الإخفاق الذي مُني به مشروع "أوليوس غالوس". لقد كان في الواقع مشروعًا خطيرًا، لو تم إذن لاتصل ملك الروم بملك حلفائهم وأنصارهم الحبش في اليمن، ولتحقق حلم الإسكندر الأكبر وأغسطس ومن فكر في الاستيلاء على هذا الجزء الخطير من العالم من بعدها، ولتغير الوضع السياسي في الجزيرة من غير شك، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حدث أن مكة التي أريد هدمها هي التي هدمت ملك الحبشة في اليمن، وملك من جاء بعدهم لنجدة أهل اليمن، وملك البيزنطيين في بلاد الشأم وملك الفرس في العراق وفي