للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرق الموصلة إلى المياه الدافئة وإلى الأرضين المتجه لأهم المواد المطلوبة في ذلك العهد.

وتذكر روايات أهل الأخبار أن أبرهة لما رتب كل شيء وجهز نفسه للسير من اليمن نحو مكة، خرج له رجل من أشراف اليمن وملوكهم، يقال له: "ذو نفر" وعرض له فقاتله، فهزم "ذو نفر" وأصحابه، وأخذ له ذو نفر أسيرًا. ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك، يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خثعم، عرض له "نفيل بن حبيب الخثعمي" في قبيلتي خثعم: شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهة، وأخذ له نُفيل أسيرًا وخرج معه يدله على الطريق، حتى إذا مر بالطائف، خرج إليه "مسعود بن معتب" في رجال ثقيف، فقال له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندنا خلاف، وليس بيننا هذا بالبيت الذي تريد -يعني اللات- إنما تريد البيت الذي بمكة، يعنون الكعبة، ونحن نبعث معك من يدلك، فتجاوز عنهم، وبعثوه معه أبا رغال، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس، فهلك أبو رغال به. فرجمت العرب قبره، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس١.

وكان نفيل بن حبيب الخثعمي من سادات خثعم، ولما أخذه أبرهة أسيرًا واحتبسه عنده، جعله دليله إلى مكة، وهو الذي أوصله إلى الطائف، حيث تسلم أبرهة الدليل الآخر من ثقيف، وهو أبو رغال٢. وذكر بعضهم أن "نفيل بن حبيب" كان دليل أبرهة على الكعبة، وأنه عرف بـ"ذي اليدين"٣.

ولأهل الأخبار قصص عن "أبي رغال" صيره أسطورة، حتى صيره بعضهم من رجال ثمود ومن رجال "صالح" النبي. فزعموا أن النبي كان قد وجهه على صدقات الأموال، فخالف أمره، وأساء السيرة، فوثب عليه "ثقيف" وهو قسي بن منبه، فقتله قتلة شنيعة. وهو خبر وضعه أناس من ثقيف ولا


١ الطبري "٢/ ١٣١ وما بعدها"، تفسير الطبري "٣٠/ ١٦٧"، "٣٠/ ١٩٤" "بولاق"، تفسير القرطبي "٢٠/ ١٨٨".
٢ الاشتقاق "٣٠٦"، تفسير الطبري "٣٠/ ١٩٤" "بولاق".
وأرجم قبره في كل عام ... كرجم الناس قبر أبي رغال
٣ نوادر المخطوطات "ألقاب الشعراء" "ص٣٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>