للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر من هذه الرواية، أن "أبا مرة"، والد "معديكرب"، كان قد فر من اليمن إلى العراق، وقد حاول عبثًا حث كسرى على تقديم العون العسكري له لطرد أبرهة وقومه الحبش عن اليمن، وبقي يسعى ويحاول حتى مات بالعراق، مات بالمدائن على حد زعم هذه الرواية، ويظهر منها أيضًا، أن سيف بن ذي يزن، أي ولد أبي مرة، كان قد أيس هو من كسرى بعد أن رأى ما رأى من موقفه مع أبيه، فذهب أولًا إلى ملك الروم، على أمل مساعدته ومعاونته في طرد الحبش عن بلاده، حتى وإن أدى الأمر إلى استيلاء الروم على اليمن، فلما خاب ظنه ذهب إلى الفرس، فساعدوه.

وذكر "الطبري" أن وهرز لما انصرف إلى كسرى، ملَّك سيفًا على اليمن، فـ"عدا على الحبشة فجعل يقتلها ويبقر النساء عما في بطونها، حتى إذا أفناها إلا بقايا ذليلة قليلة، فاتخذهم خولًا، واتخذ منهم جمَّازين يسعون بين يديه بحرابهم، حتى إذا كان في وسط منهم وجئوه بالحراب حتى قتلوه، ووثب بهم رجل من الحبشة، فقتل باليمن وأوعث، فأفسد، فلما بلغ ذلك كسرى بعث إليهم "وهرز" في أربعة آلاف من الفرس، وأمره ألا يترك باليمن أسود ولا ولد عربية من أسود إلا قتله، صغيرًا كان أو كبيرًا، فأقبل وهرز، حتى دخل اليمن ففعل ذلك. ثم كتب إلى كسرى بذلك. فأمره كسرى عليها. فكان عليها، وكان يجبيها إلى كسرى حتى هلك"١.

لقد كان استيلاء الحبشة على اليمن بأسرها سنة "٥٢٥" للميلاد. أما القضاء على حكمهم فكان قريبًا من سنة "٥٧٥" للميلاد٢. ولكن الحبش كانوا في اليمن قبل هذا العهد؛ إذ كانوا احتلوا بعض الأرضين قبل السنة "٥٢٥" للميلاد، وكانوا يحكمونها باسم ملك الحبشة.

وجاء في تأريخ الطبري وفي موارد أخرى أن حكم الحبشة لليمن دام اثنتين وسبعين سنة، توارث ذلك منهم أربعة: أرياط، ثم أبرهة، ثم يكسوم بن أبرهة، ثم مسروق بن أبرهة٣. وهو رقم فيه زيادة، إذا اعتبرنا أن نهاية


١ الطبري "٢/ ١٤٨" "دار المعارف"، المعارف "٢٧٨".
٢ W. Phillips, p. ٢٢٣.
٣ الطبري "٢/ ١٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>