للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الحبش في اليمن، كانت في حوالي السنة "٥٧٥م" أما أخذنا برواية أهل الأخبار مثل حمزة، الذي ذكر كما سبق أن بينت أن حكم "أرياط" دام عشرين سنة، وأن حكم أبرهة ثلاثًا وعشرين سنة، وأن حكم "يكسوم" سبع عشرة، وأن حكم مسروق اثنتي عشرة سنة، فيكون ما ذكره "الطبري" وحمزة صحيحًا من حيث المجموع؛ لأن مجموعه "٧٢" سنة. ولكني أشك في أن حكم "أرياط" كان "٢٠" سنة؛ إذ يعني هذا أن حكمه استمر إلى سنة "٥٤٥" للميلاد، والمعروف من نص "أبرهة" المدون على جدار سد مأرب، أن أبرهة رمم السد وقوَّى جدرانه سنة "٥٤٢" للميلاد. ومعنى هذا أنه كان قد استبد بأمر اليمن قبل هذا الزمن.

وقد تعرض "حمزة" لهذا البحث، ولفت النظر إلى تفاوت الرواة في مدة لبث الحبشة باليمن وفي تأريخ اليمن كله. فقال: "وليس في جميع التواريخ تأريخ أسقم ولا أخل من تأريخ الأقيال ملوك حمير، لما قد ذكر فيه من كثرة عدد سني من ملك منهم، مع قلة عدد ملوكهم"، و"قد اختلف رواة الأخبار في مدة لبث الحبشة باليمن اختلافًا متفاوتًا"١. والواقع أننا نجد اختلافًا كبيرًا بين أهل الأخبار في تأريخ اليمن، حتى في المتأخر منه القريب من الإسلام.

ويذكر "أبو حنيفة الدينوري"، أن "وهرز" كان شيخًا كبيرًا، وقد أناف على المائة، وكان من فرسان العجم وأبطالها، ومن أهل البيوتات والشرف، وكان أخاف السبيل، فحبسه كسرى. ويقال له "وهرز بن الكاسجار"، فسار بأصحابه إلى "الأبلة" فركب منها البحر. وذكر أن "كسرى" لما رده إلى اليمن، بعد وثوب الحبش بـ"سيف بن ذي يزن"، وبقي هناك إلى أن وافاه أجله، قُبر في مكان سمي "مقبرة وهرز"، وراء الكنيسة، ولم يشر إلى اسم الكنيسة٢، ولعله قصد موضع "القليس".

أما "المسعودي، فصير "وهرز" موظفًا كبيرًا بدرجة "أصبهبذ"، ودعاه بـ"وهرز أصبهبذ الديلم". أي أنه كان أصبهبذًا على الديلم إذ ذاك.

وذكر أنه ركب ومن كان معه من أهل السجون البحر في السفن في دجلة ومعهم


١ حمزة "ص٨٩".
٢ الأخبار الطوال "ص٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>