للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعجب الإسكندر به وساعده، فأخرج "خزاعة" عن مكة، وأخلصها للنضر ولبني أبيه، وحج الإسكندر، وفرق في ولد معد بن عدنان صلات وجوائز ثم قطع البحر يؤم الغرب١.

وإذا كان أهل الأخبار قد أدخلوا "الإسكندر" مكة، وصيروه رجلًا مؤمنًا، حاجًّا من حجاج البيت الحرام، فلا غرابة إذن أن جعلوا أسلاف الفرس فيمن قصد البيت وطاف به وعظمه وأهدى له, بعد أن صيروا "إبراهيم" جدًّا من أجدادهم وربطوا نسب الفرس بالعرب العدنانيين, فقالوا: وكان آخر من حج منهم "ساسان بن بابك"، وهو جد "أردشير", فكان ساسان إذا أتى البيت طاف به وزمزم على بئر إسماعيل، فقيل: إنما سميت زمزم لزمزمته عليها هو وغيره من فارس. واستدلوا على ذلك بشعر، قالوا عنه: إنه من الشعر القديم، وبه افتخر بعض شعراء الفرس بعد ظهور الإسلام، وقالوا: وقد كان "ساسان بن بابك" هذا، أهدى غزالين من ذهب وجوهرًا وسيوفًا وذهبًا كثيرًا، فقذفه، فدفن في زمزم. وقد أنكروا أن يكون بنو جرهم قد دفنوا ذلك المال في بئر زمزم؛ لأن جرهم لم تكن ذات مال فيضاف ذلك إليها٢.

ويزعم الإخباريون أن "حسان بن عبد كلال بن مثوب ذي حرث الحميري"، "أقبل من اليمن مع حمير وقبائل من اليمن عظيمة، يريد أن ينقل أحجار الكعبة من مكة إلى اليمن؛ ليجعل حج الناس عنده ببلاده, فأقبل حتى نزل بنخلة فأغار على سرح الناس، ومنع الطريق، وهاب أن يدخل مكة. فلما رأت ذلك قريش وقبائل كنانة وأسد وجذام ومن كان معهم من أفناء مضر، خرجوا إليه، ورئيس الناس يومئذ فهر بن مالك، فاقتتلوا قتالا شديدا, فهزمت حمير, وأسر حسان بن عبد كلال ملك حمير، أسره الحارث بن فهر، وقتل في المعركة -فيمن قتل من الناس- ابن ابنة قيس بن غالب بن فهر، وكان حسان عندهم بمكة أسيرًا ثلاث سنين، حتى افتدى منهم نفسه، فخرج به، فمات بين مكة واليمن"٣.

ويشير هذا الحادث إن صح وقوعه وصدق ما رواه أهل الأخبار عنه, إلى


١ الأخبار الطوال "٣٣ وما بعدها".
٢ مروج "١/ ٢٦٥ وما بعدها"، "ذكر ملوك الطوائف".
٣ الطبري "٢/ ٢٦٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>