للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خضوعهم للحبش، حتى صارت اللفظة لقبًا لهم، أو علمًا لكنانة ومن حالفها. ويجوز أن تكون قد لحقتهم ولحقت الآخرين معهم لتميزهم عن بقية "كنانة" ومن انضم إليهم ممن سكن خارج تهامة، أو لتزوج قسم منهم من نساء حبشيات حتى ظهرت السمرة على سحنهم؛ ولهذا وصفوا بالأحابيش. فليس من اللازم إذن أن يكون "الأحابيش"، هم كلهم من حبش إفريقيا، بل كانوا عربًا وقومًا من العبيد والمرتزقة ممن امتلكهم أهل مكة. ومما يؤيد رأيي هذا هو ورود "من بني كنانة" مع أهل تهامة في أخبار معارك قريش مع الرسول. ففي معركة "أحد"، نجد "الطبري" يقول: "فاجتمعت قريش لحرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير بأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة"١. ونجد مثل ذلك في أخبار معارك أخرى, مما يشير إلى أن الأحابيش، ليسوا عبيد إفريقيا فحسب، بل هم عرب وحبش ومرتزقة، وأن أولئك الأحابيش هم من ساحل تهامة في الغالب من كنانة، أي: ممن أقام بذلك الساحل المستقر به من الحبش واندمج في العرب، فصار من المستعربة الذين نسوا أصولهم وضاعت أنسابهم، واتخذوا لهم نسبا عربيا.

وقد كان للأحابيش سادة يديرون أمورهم، منهم "ابن الدغنة" وهو "ربيعة بن رفيع بن حيَّان بن ثعلبة السلمي" الذي أجار "أبا بكر", وشهد معركة حنين٢.

ومن سادات الأحابيش "الحليس بن يزيد", ويظهر أنه كان يتمتع بمنزلة محترمة بمكة. وقد ذكر "محمد بن حبيب" "الحليس" على هذه الصورة: "الحليس بن يزيد", وذكر أنه من "بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة", وكان من رؤساء حرب الفجار من قريش٣. وذكره غيره على هذه الصورة: "وحليس بن علقمة الحارثي, سيد الأحابيش ورئيسهم يوم أحد, وهو من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة"٤.

وقد حارب الأحابيش مع قريش يوم أحد، وقد رأسهم "أبو عامر"


١ خبر "غزوة أحد"، "فخرجت قريش بحدها وجَدّها وأحابيشها، ومن معها من بني كنانة وأهل تهامة", الطبري "١٢/ ٥٠١".
٢ تاج العروس "٩/ ٢٠٠", "دغن".
٣ المحبر "١٦٩ وما بعدها".
٤ تاج العروس "٤/ ١٣٠", "حلس".

<<  <  ج: ص:  >  >>