للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروف بـ" الراهب"١, وقاتل بهم، مع أن رئيسهم وسيدهم إذ ذاك هو "الحليس بن زبان" أخو "بني الحارث بن عبد مناة", وهو يومئذٍ "سيد الأحابيش". وقد مر بـ"أبي سفيان"، وهو يضرب في شدق "حمزة" بزج الرمح، فلامه على فعله وأنبه٢. ولعل هذا الحليس هو الحليس المتقدم, كتب اسم والده بصور مختلفة بحذف اسم والده, وإضافة جده أو غيره إليه، فصار وكأنه إنسان آخر.

وقد ورد ذكر "الحليس" في خبر "الحديبية"؛ فقد ذكر الطبري أن قريشًا أوفدت "الحليس بن علقمة" أو "ابن زبان", وكان يومئذ سيد الأحابيش, وهو أحد "بلحارث بن عبد مناة بن كنانة", إلى رسول الله، فلما رآه الرسول, قال: "إن هذا من قوم يتألهون"، فلما رأى الحليس هدْيَ المسلمين في قلائده، وأحسن أن الرسول إنما جاء معتمرًا لا يريد سوءًا لقريش، قص عليهم ما رأى، فقالوا له: اجلس، فإنما أنت رجل أعرابي لا علم لك، فغضب "الحليس" عند ذلك وقال: يا معشر قريش، والله ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم، أن تصدوا عن بيت الله من جاء معظمًا له، والذي نفس الحليس بيده, لتخلُّن بين محمد وبين ما جاء له, أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد! فقالوا له: مه، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نوصي به٣.

وقد ساهم "الأحابيش" في الدفاع عن مكة عام الفتح، وكانوا قد تجمعوا مع "بني بكر" و"بني الحارث بن عبد مناة" ومن كان من الأحابيش أسفل مكة, كما أمرتهم قريش بذلك. فأمر رسول الله خالد بن الوليد أن يسير إليهم، فقاتلهم حتى هزموا, ولم يكن بمكة قتال غير ذلك٤. ولم يذكر "الطبري" اسم سيد الأحابيش في هذا اليوم.

ويتبين من دراسة أخبار أهل الأخبار عن الأحابيش، ومن نقدها وغربلتها، أن الأحابيش كانوا جماعة قائمة بذاتها، مستقلة في إدارة شئونها، يدبر أمورها رؤساء منهم، يعرف أحدهم بـ"سيد الأحابيش". وقد ذكرت أسماء


١ الطبري "٢/ ٥١٢", "غزوة أحد".
٢ الطبري "٢/ ٥٢٧", "غزوة أحد".
٣ الطبري "٢/ ٦٢٧ وما بعدها", "الحديبية".
٤ الطبري "٣/ ٥٦"، "فتح مكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>