للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ابن الزبعرى، ذكر ذلك في شعره, حيث قال:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مُسْنِتُونَ عجافُ١

ويظهر من وصف الإخباريين لهاشم أنه كان تاجرًا، له تجارة مع بلاد الشام, وأنه جمع ثروة من تجارته هذه، حتى زعموا أنه هو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلة الشتاء والصيف٢.

ويذكر أهل الأخبار أن هاشمًا كان يحث أهل مكة على إكرام الحجاج وإضافتهم وتقديم كل معونة لهم؛ لأنهم يأتون يعظمون بيت الله، ويزورونه، وهم جيران بيت الله، وقد أُكرموا به، وشرفوا بالبيت على سائر العرب، فعليهم تقديم كل معونة لحجاج البيت. وكان يطلب منهم مساعدته بإخراج ما يتمكنون من إخراجه من أموالهم يضعونه في دار الندوة, ليخدم به الحجاج؛ لأنه لا يتمكن وحده من إكرامهم وتقديم الطعام من ماله وحده إليهم٣. فكان هاشم يخرج في كل عام مالا كثيرا، وكان قوم من قريش أهل يسار يترافدون، وكان كل إنسان يرسل بمائة مثقال هرقلية، فيجمع هاشم ما يتجمع ويصنع به طعامًا للحجاج٤.

ولشح الماء في مكة، واضطرار الناس إلى جلبه من أماكن بعيدة، فعل "هاشم" ما فعله قصي حين حفر بئرًا على نحو ما ذكرت، فحفر بئرًا عرفت بـ"بذَّر" وهي البئر التي في حق "المقوم بن عبد المطلب" في ظهر دار الطلوب مولاة زبيدة بالبطحاء في أصل المستنذر, وحفر بئرًا أخرى, وهي البئر التي يقال لها بئر "جبير بن معطم", ودخلت في دار القوارير٥. فيسَّر بذلك لمكة الماء، وساعد على إكثاره عندهم.


١
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف
الطبري "٢/ ٢٥٢", الاشتقاق "٩", أمالي المرتضى "٢/ ٢٦٩"، أخبار مكة, للأزرقي "١/ ٦٧"، ابن سعد, طبقات "١/ ٧٦"، نهاية الأرب "١٦/ ٣٣".
٢ الطبري "٢/ ٢٥٢" "دار المعارف بمصر".
وهو الذي سن الرحيل لقومه ... رحل الشتاء ورحلة الأصياف
البلاذري، أنساب "١/ ٥٨", ابن سعد، طبقات "١/ ٧٥".
٣ النويري، نهاية الأرب "١٦/ ٣٤".
٤ ابن سعد، الطبقات "١/ ٧٨".
٥ ابن سعد، الطبقات "١/ ٧٥", الأزرقي، أخبار مكة "١/ ٦٧", تاج العروس "٣/ ٣٦", "بذر".

<<  <  ج: ص:  >  >>