للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر أهل الأخبار أن "أمية" كان قد أتى "بني الديان" فدخل على "عبد المدان بن الديان" من بني الحارث بن كعب بنجران، فإذا به على سريره وكأن وجهه قمر، وبنوه حوله، فدعا بالطعام، فأُتي بالفالوذج، فأكل طعامًا عجيبًا ثم انصرف فقال في ذلك الشعر المذكور، فلما بلغ شعره "ابن جدعان", أرسل ألفي بعير إلى الشام تحمل إليه البُرَّ والشهد والسمن، وجعل له مناديين يناديان: أحدهما بأسفل مكة والآخر بأعلاها، وكان أحدهما سفيان بن عبد الأسود، والآخر أبا قحافة، وكان أحدهما ينادي: ألا من أراد اللحم والشحم، فليأتِ دار ابن جدعان، وينادي الآخر: إن من أراد الفالوذج فليأتِ إلى دار ابن جدعان. وهو أول من أطعم الفالوذج بمكة١.

وذكر "الجاحظ" أن من أشرف ما عرفه أهل مكة من الطعام، هو "الفالوذ", ولم يطعم الناس منهم ذلك الطعام، إلا عبد الله بن جدعان٢.

ولبعض أهل الأخبار رواية أخرى في كيفية وقوف "ابن جدعان" على الفالوذ "الفالوذج" وإدخاله إلى مكة، وترجع هذه الرواية إلى الفرس، فيقول: وفد "ابن جدعان" على كسرى، فأكل عنده الفالوذ، فسأل عنه فقيل له: هذا الفالوذ، قال: وما الفالوذ؟ قالوا: لُباب البُرِّ يُلْبَكُ مع عسل النحل؛ فأعجبه، فابتاع غلامًا يعرف صنعه، ثم قدم به مكة معه، ثم أمره فصنع له الفالوذ بمكة، فوضع الموائد بالأبطح إلى باب المسجد، ثم نادى مناديه: ألا من أراد الفالوذ فليحضر، فحضر الناس. فكان فيمن حضر أمية بن أبي الصلت٣.

وذكر أنه كان يضع "الحَيْس" على أنطاع على الأرض ليأكل منها القاعد والراكب, والحيس: الأَقِطُ يخلط بالتمر والسمن. وقد يُجعل عوض الأقِط الدقيقُ والفتيت. وقيل: الحيس: التمر والأقط يُدقان ويعجنان بالسمن عجنا شديدا حتى يندر النوى منه نواةً نواةً، ثم يسوى كالثريد. وهو الوَطْبة أيضا، ألا أن الحيس ريما جعل فيه السويق، وإما الوطبة فلا٤.


١ سمط النجوم "١/ ١٩٩"، ذيل الأمالي والنوادر "٣٨".
٢ البخلاء "٢١٠" "طه الحاجري".
٣ الأغاني "٨/ ٣٢٩".
٤ الجاحظ، الحيوان "٣/ ٤٠٣"، لسان العرب "٦/ ٦١".

<<  <  ج: ص:  >  >>