للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أنه لمكانة "عبد الله" التي بلغها عند قومه وعند العرب، كانت العرب إذا قدمت عكاظًا دفعت أسلحتها إليه حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم، ثم يردها عليهم إذا ظعنوا.

وكان يحافظ على الأمانات محافظة شديدة، فلما جاءه "حرب بن أمية" صديقه، وهو من وجهاء مكة وأثريائها كذلك، قائلًا له: أحتبس قِبَلَكَ سلاحَ هوازن وذلك يوم نخلة من أيام الفجار الثاني، أجابه ابن جدعان: أبالغدر تأمرني، يا حرب؟ والله لو أعلم أنه لم يبقَ منها سيف إلا ضُربت به، ولا رمح إلا طعنت به، ما أمسكت منها شيئًا. ثم أبى إلا تسليم السلاح إليهم١.

وقد أسهم "ابن جدعان" في أيام الفجار، وكان على "بني تيم"٢, وأمد قومه بالسلاح والمال, فأعطى مائة رجل سلاحا تاما كاملا وذلك "يوم شمطة", غير ما ألبس من بني قومه والأحابيش٣, وحمل مائة رجل على مائة بعير، وقيل: ألف رجل على ألف بعير، وذلك يوم "يوم شرب"٤, أو يوم عكاظ٥, وله أخ اسمه "كلدة بن جدعان" قتل في الفجار٦.

وكان "ابن جدعان" يشرب الخمر على عادة الجاهليين في شربها، بقي يشربها حتى كبر فعافها، ودخل فيمن عاف الخمر على كِبَره من سادات قريش وأشرافها. وكان من عادتهم إذا كبروا ولعب بهم العمر، حرموا شرب الخمر على أنفسهم، "ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهلية إلا ترك الخمر استحياءً مما فيها من الدنس. ولقد عابها ابن جدعان قبل موته"٧.

ويروون في سبب تركه لها قصتين: قصة تقول: إنه عافها؛ لأنه سكر مرة


١ أيام العرب "٣٢٩".
٢ ابن الأثير، الكامل "١/ ٣٥٩ وما بعدها"، تأريخ الخميس "١/ ٢٥٥"، البدء والتأريخ "٤/ ١٣٤ وما بعدها".
٣ ابن الأثير، الكامل "١/ ٣٦١"، الصحاح "٢/ ٧٧٨", نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٧ وما بعدها", أيام العرب "٣٣١".
٤ سمط النجوم "١/ ١٩٦"، نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٩".
٥ أيام العرب "٣٣٤".
٦ نسب قريش "٢٩١".
٧ الأغاني "٨/ ٣٣٢", نسب قريش "٢٩٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>