للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحصونهم وقصورهم، يلجئون إليها عند الشدة ومن معهم من أتباعهم يرمون أعداءهم من فوق السطوح بالسهام وبالحجارة، إذ لا حائط يحيط بها على نحو ما كان لمدينة الطائف. وقد تحارب الأوس والخزرج على الآطام، وأرخوا بتلك الحرب، وصاروا يؤرخون بـ"عام الآطام". وذكر أن أهل المدينة من الأوس والخزرج كانوا يمتنعون بها، فأخربت في أيام عثمان١.

ويظهر من وصف أهل الأخبار ليثرب، أنها كانت تشبه مدينة "الحيرة" بالعراق, من حيث خلوها من سور ومن تكونها من "قصور" هي بيوت السادة ومعاقل المدينة ومواضع دفاعها آناء الشدة وأوقات الحروب, وقد عرفت بـ"أطم" و"آطام" عند أهل يثرب. وذكر أن "الأطم" كل حصن بُني بحجارة، أو كل بيت مربع مسطح. وورد أن "الأُطوم": القصور والحصون لأهل المدينة والأبنية المرتفعة كالحصون٢.

والمدينة عند "وادي إضم". يقال للقسم الذي هو عند المدينة منه "القناة", والذي هو أعلى منها عند السد: الشظاة، أما ما كان أسفل ذلك فيسمى أضمًا إلى البحر. وذكر أن أضم وادٍ يشق الحجاز حتى يفرغ في البحر, وأعلى أضم القناة التي تمر دُوين المدينة٣, وأن المدينة هي ما بين طرف قناة إلى طرف الجرف, وما بين الماء الذي يقال له "ألبوا" إلى "زبالة"٤.

وجو "يثرب" على العموم خير من جو مكة، فهو ألطف وأفرح. ولم يعانِ أهلها ما عانى أهل مكة من قحط في الماء ومن شدة الحصول عليه، حتى بعد حفر "بئر زمزم". فالماء متوفر بعض الشيء في المدينة، وهو غير بعيد عن سطح الأرض، ومن الممكن الحصول عليه بسهولة بحفر آبار في البيوت. ولهذا صار في إمكان أهلها زرع النخيل، وإنشاء البساتين والحدائق، والتفسح فيها، والخروج إلى أطراف المدينة للنزهة، فأثر ذلك في طباع أهلها فجعلهم ألين عريكةً وأشرح صدرًا من أهل البيت الحرام.


١ الأغاني "١/ ١٤" "ساسي", التنبيه "ص١٧٦".
٢ تاج العروس "٨/ ١٨٧"، "أطم"، اللسان "١٢/ ١٩"، "أطم".
٣ تاج العروس "٨/ ١٨٧" "أضم".
٤ ابن رستة، الأعلاق "٦٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>