للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل بالطبع في صد الأعراب ومنعهم من نهبها وغزوها. والظاهر أن أهل الطائف كانوا قد اقتفوا أثر اليمن في الدفاع عن مدنهم وقراهم, حيث كانوا يبنونها على المرتفعات في الغالب، ثم يحيطون ما يبنونه بأسوار ذات أبراج لمنع العدو من الدنو منها, ولا سيما الأعراب الذين لم يكونوا بحكم طبيعة معيشتهم في أرض منبسطة مكشوفة، ولفقرهم وعدم وجود أسلحة حسنة لديهم يستطيعون مهاجمة مثل هذه التحصينات، وأخذها على غِرَّة حيث تقفل أبواب الأسوار وتغلق ليلًا، وفي أوقات الخطر, فلا يكون في استطاعة أحد ولوجها؛ لذلك صارت هذه التحصينات من أثقل الأعداء على قلوب الأعراب.

ولما هم "أبرهة" بالسير إلى مكة، كانت الطائف في جملة المواضع التي نزل بها في طريقه إليها. وقد خرج إليه مسعود بن معتب في رجال ثقيف، فأتوه بالطاعة، وبعثوا معه "أبا رغال" دليلًا، فأنزله المغمس بين الطائف ومكة، فهلك "أبو رغال" هناك وقبره في ذلك الموضع.

وعند ظهور الإسلام كان أغلب سكان هذا الموضع ينتسبون إلى قبيلة ثقيف. وترجع هذه القبيلة نسبها مثل القبائل الأخرى إلى جد أعلى، يقولون: إن اسمه "قسي بن منبه"، ويقول الإخباريون: إنما دعي قسيًّا؛ لأنه قتل رجلًا، فقيل: قسا عليه، وكان غليظًا قاسيًا١.

والنسابون يختلفون في نسبه، فمنهم من ينسبه إلى إياد، فيجعله قسي بن نبت بن منبه بن منصور بن مقدم بن أفصى بن دُعْمِيّ بن إياد بن معد، ومنهم من يجعله من هوازن، فيقول: قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان٢.

ونحن إذا درسنا ما رواه أهل الأخبار عن نسب ثقيف، وعن القبائل التي اتصلت بها، نجد أنها كانت ذات صلة وثيقة بقبائل "قيس عيلان" من مجموعة مضر. ومعنى هذا أنها كانت على مقربة منها، وأنها كانت من قبائل مضر, كما نجد في الوقت نفسه أنها كانت على صلات وثيقة مع بعض قبائل اليمن. وقد


١ الاشتقاق "١٨٣".
٢ ابن الأثير، الكامل "١/ ٢٨٨"، الأغاني "٤/ ٧٤"، البلاذري، أنساب الأشراف "٢٥ وما بعدها",
ency., iv, p, ٧٣٤.s

<<  <  ج: ص:  >  >>