للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رأيي أن معظم هذه الروايات التي يرويها الإخباريون عن ثقيف إنما وضعت في الإسلام، بغضًا للحَجَّاج الذي عرف بقسوته وبشدته، فصيروا ثقيفًا عبدًا لأبي رغال, وجعلوا أصله من قوم نجوا من ثمود. وأبو رغال نفسه جاسوس خائن في نظر الإخباريين، حاول إرشاد أبرهة إلى مكة، فكيف يكون إذن حال رجل من قوم فَسَقَة كَفَرَة, ثم صار عبدًا لجاسوس لئيم! وقد رأيت أن من أهل الأخبار من صير "ثقيفًا" رجلًا مهاجرًا، هاجر في البلاد يلتمس العيش حتى جاء وادي القُرَى، فتبنته عجوز يهودية، وعطفت عليه، حتى إذا ما ماتت أخذ مالها، وهاجر إلى الطائف، وكان لئيما فطمع في غنم لأمة حبشية، وكاد يقتلها لولا إشارتها عليه باللجوء إلى "عامر بن الظَّرِب"، الجواد الكريم، وصاحب الطائف، فأعطاه وحباه، ولكن أبى لؤم ثقيف إلا أن ينتقل إلى ولده، فتنكروا لبني عامر وأخرجوهم عن الطائف، واستبدوا وحدهم بها.

وبنو ثقيف حزبان: الأحلاف ومنهم: "غيلان بن سلمة" و"كنانة بن عبد ياليل" و"الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب"، و"ربيعة بن عبد ياليل" و"شرحبيل بن غيلان بن سلمة" و"عثمان بن أبي العاص" و"أوس بن عوف" و"نمير بن خرشة بن ربيعة"، وقد ذهب هؤلاء إلى الرسول وأسلموا، فاستعمل عليهم "عثمان بن أبي العاص". وأما القسم الثاني، فعُرف بـ"بني مالك"، وقد ذهب نفر منهم مع هذا الوفد إلى الرسول، فضرب لهم قبة في المسجد, وأما الأحلاف فنزلوا ضيوفًا على "المغيرة بن شعبة" وهو من ثقيف١.


= -عليه السلام- بعثه مصدقًا، أنه أتى قوما ليس لهم لبن إلا شاة واحدة ولهم صبي قد ماتت أمه، فهم يعاجونه بلبن تلك الشاة، يعني: يغذونه، فأبى أن يأخذ غيرها. ففالوا: دعها نحايي هذا الصبي فأبى، فيقال: إنه نزلت به قارعة من السماء, ويقال: بل قتله رب الشاة، فلما فقده صالح -عليه السلام- قام في الموسم ينشد الناس، فأخبر بصنيعه فلعنه، فقبره بين مكة والطائف يرجمه الناس"، تاج العروس "٧/ ٣٤٨" "رغل", "والمغمس كمعظم ومحدث، الأول هو المشهور عن أهل مكة والثاني نقله الصاغاني، وقال لغة فيه بطريق الطائف بالقرب من مكة, فيه قبر أبي رغال دليل أبرهة الحبشي إلى مكة ويرجم إلى الآن. قال أمية بن أبي الصلت:
حبس الفيل بالمغمس حتى
ظل فيه كأنه مقبور"، تاج العروس "٤/ ٢٠٣"، "غمس".
١ ابن سعد، طبقات "١/ ٣١٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>