للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن مفاخر القبائل اعتزالها القبائل الأخرى وعدم مخالطتها قبيلة ثانية. وتفخر الأحياء بحردها أيضًا, فيقال "حي حريد منفرد"، ومعناه: معتزل عن جماعة القبيلة, لا يخالطهم في ارتحاله وحلوله لعزته؛ لأنه لا ينزل في قوم من ضعف وذلة لما هو عليه من القوة والكثرة١.

وذكر أن القوم الذين يكون أمرهم واحدًا يعرفون بـ"الخليط", وذلك أنهم كانوا ينتجعون أيام الكلأ، فتجتمع منهم قبائل شتى في مكان واحد، فتقع بينهم ألفة، ويكونون يدًا واحدة. فإذا افترقوا ورجعوا إلى أوطانهم ساءهم ذلك وريعوا٢.

وهناك قبائل ضعيفة، لم تتمكن أن تعيش وحدها؛ لذلك تحالفت مع غيرها من قبائل أقوى منها، واندمجت بها, كما يندمج الأشخاص بالقبائل، بالحلف أو بالجوار أو بالموالاة. وعند انضمام الأحياء والعشائر والقبائل الضعيفة إلى الأقوى منها بطريقة من الطرق، يتم ذلك بطقوس دينية على نحو ما سأتحدث عنه في عقد الأحلاف, بسبب أن العقود في نظر العرب تستوجب البر بها والوفاء؛ ولهذا تعقد في ظروف خاصة أمام الكهنة وفي المعابد.


١ وفي هذا المعنى قول جرير:
نبني على سنن العدو بيوتنا ... لا نستجير ولا نحل حريدا
تاج العروس "٢/ ٣٣٣ وما بعدها"، "حرد".
٢ ديوان بشر بن أبي خازم "١٢٩"، تاج العروس "٥/ ١٣٢"، "خلط"، نهاية الأرب "١٨/ ٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>