للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرئيس المتوفى، يطمعون في الرئاسة، فينتخبون أكفأهم وأقواهم ليكون الرئيس الجديد.

وقد لا تجتمع كلمة المتنافسين على الرئاسة، ولا تتفق على اختيار رئيس، فلا يكون أمام القبيلة في مثل هذه الحالة سوى اللجوء إلى الملوك في الغالب؛ لتعيين رئيس عليهم يختارونه من جماعتهم وينصبونه سيدًا عليهم. وقد كان هذا شأن قبائل "معد" في الغالب, إذ كانت قبائلها متبدية متنافرة، ذات رؤساء متحاسدين، لا يقرون برئاسة واحد منهم؛ لذلك كانوا يلجئون إلى ملوك اليمن لتعيين رئيس من غيرهم عليهم, وبذلك يحل الخلاف.

ونجد في شعر "عامر بن الطفيل"، وهو أحد مشاهير فرسان العرب, تغنيًا بفعاله وبشجاعته وبدفاعه عن قومه, وتبجحًا بسيادته على قومه, واعتزازًا بأن سيادته هذه لم تأت إليه عن وراثة، وإنما جاءته بفعاله وبدفاعه عن قومه وذبه عن حماهم، فسودوه لهذه الخلال عليهم، ولم يسودوه لأنه "ابن سيد عامر". وفي هذا الشعر دلالة على أن الرئاسة كانت بالوراثة, وأن والد "عامر" كان سيدًا, فأراد "عامر" أن يتبجح بنفسه على غيره، بأنه ليس من أولئك الرؤساء الذين يرثون السيادة إرثًا, فلا دخل لهم بمجيئها إليهم، وإنما أخذها عن جدارة واستحقاق، ولو لم يكن أبوه سيدًا, لجاءته السيادة تركض إليه؛ لما فيه من محامد ومكارم. فسيادته سيادة وراثة؛ لأنه ورثها عن أبيه، وسيادة جدارة جاءته لما فيه من خصال السادة الأشراف١.


١
إني وإن كنت ابن سيد عامر ... وفارسها المشهور في كل موكب
فما سودتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب
الشعراء والشعراء "١٩٢", البلاذري، أنساب "٢/ ١٧٩"، ابن قتيبة، عيون الأخبار "١/ ٢٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>