للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرف ثوبه إلى طنب البيت، فإذا فعل ذلك عد جارًا، ووجب على صاحب البيت أن يجيره١.

والجوار جواران: جوار جماعة كجوار بيت أو فخذ أو بطن أو ظهر أو عشيرة أو قبيلة، وجوار أفراد. وللجوارين حرمة وقدسية ليس أحدهما دون الآخر في الحرمة والوفاء.

وإذا نزل إنسان على إنسان آخر جارًا، فإن من المتعارف عليه أن تكون حرمة جواره ثلاثة أيام، "وكانت خفرة الجار ثلاثًا"٢, فاذا انتهت، انتهت مدة الجوار. وعلى الجار الارتحال، إلا إذا جدد "المجير" جواره له، وطلب منه البقاء في جواره, فيكون عندئذ لهذا الجوار حكم آخر، إذ يبقى الجوار قائمًا ما دام عقده باقيا. وقد استفاد من حق الجوار الغرباء والمسافرون والمحتاجون وأمثالهم, فقد أمنوا على راحتهم ورزقهم وهم في محيط صعب، كما أمنوا على حياتهم, حتى إن المجير ليغفر لجاره ما قد يبدر منه من سوء بسبب حكم الجوار, قال مجير لجاره: "لولا أنك جار لقتلناك"٣. ويشمل هذا الجوار المسافر والضيف.

ومن عادتهم في الجوار، أن أحدهم إذا خاف، فورد على من يريد الاستجارة به، نكس رمحه، فإذا عرفه المجير، رفع رمحه، فيصير في جواره. فلما هرب "الحارث بن ظالم المري" من ملك الحيرة، وأخذ يتنقل بين القبائل حتى وصل عكاظ وبها "عبد الله بن جدعان", نكس رمحه أمام مضرب "ابن جدعان" ثم رفعه حين عرفوه، وأمن. وأقام بمكة، حتى أتاه أمان ملك الحيرة٤.

وقد يحدد الجوار بحدوده, كأن يذكر من يطلب الاستجارة لمن يريد أن يستجير به، أن استجارته به من قبيلة كذا أو من القبائل الفلانية أو من الشخص


١ الأغاني "٢/ ١٨٤".
٢ الفاخر "٢٢٠".
٣ الفاخر "٢٢٠".
٤ البلاذري "١/ ٤٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>