للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في معلقة "الحارث بن حلزة اليشكري" اسم "حلف ذي المجاز", الذي عُقد بين بكر وتغلب بوساطة "عمرو بن هند"، وقد أخذ فيه عمرو بن هند العهود والمواثيق والكفلاء من الطرفين حذر الجور والتعدي١.

وتكون الهيمنة في الأحلاف التي تعقد بين قبائل غير متكافئة للقبائل القوية، أي: للقبائل التي لجأت إليها القبائل الضعيفة لعقد حلف معها. فتكون الكلمة عندئذ لسادات القبائل البارزة في هذا الحلف, وعلى القبائل الضعيفة دفع شيء للقبائل القوية في مقابل حمايتها لها وبسط سلطانها عليها, ومنع ما قد يقع من اعتداء من قبائل أخرى عليها.

وقد كانت هذه الأحلاف تدوم ما دامت المصالح متشابهة، فإذا اختل التوازن بين المتحالفين، أو وجد أحد الطرفين أن مصالحه تقتضي الانضمام إلى حلف آخر, فسخ ذلك العقد وعقد حلفا آخر، وحالف قبائل أخرى قد تكون معادية لقبائل الحلف السابق، ويقال لفسخ الأحلاف: "الخلع"٢.

وهكذا كانت الحياة السياسية في الجاهلية: أحلاف تتكون وأخرى قديمة تنحل, ولا سيما إذا كانت قد تكونت من قبائل لا رابطة دموية بينها ولا اشتراك في المواطن، وإنما كانت عوامل مؤقتة وأحوال طارئة اقتضت تكتلها, ثم اقتضت انحلالها لزوال تلك الأسباب.

وتعقد الأحلاف أحيانا بين عشائر وبطون قبيلة واحدة، تعقد على نمط الأحلاف التي تعقد بين القبائل. وقد يعقد الحلف بين عشائر وبطون قبيلة، وبين عشائر وبطون قبائل غريبة؛ وذلك بسبب حدوث مشاحنات ومنافسات بين عشائر وبطون القبيلة، فتتكتل العشائر والبطون وتتحزب وقد تتقاتل, وتضطر عندئذٍ إلى تأليف أحلاف بينها لتتغلب بها على العشائر والبطون المنافسة. ومثل هذه الأحلاف تضعف القبيلة وتؤدي إلى تصدعها ما لم يتدارك أمرها أصحاب الرأي والسداد فيتولوا


١
واذكرو حلف ذي المجاز وما قد ... م فيه العهود والكفلاء
شرح المعلقات السبع، للزوزني "ص١٦٦".
٢ Muh. Stud., I, S, ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>