للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، فحمل ربيعة ومن انقاد إليه على زهير، واسترجع الأسرى ولكن زهيرًا لم يلبث أن عاد إلى ما كان عليه من جمع الإتاوة من معد١.

وكليب وائل، كما يظهر من روايات الأخباريين، رجل صلب قوي، ارتفع نجمه بعد يوم "خزازى" "خزاز" الذي أظهر قوة معدّ لما اجتمعت؛ فانتخب رئيسًا مطاعًا على هذه القبائل، وأعطي الملك والتاج، وبقي على ذلك دهرًا، حتى دخله زهو شديد، فأخذ يبغي على القبائل ويشتط في أخذ الإتاوة منها وفي اتخاذ خيرة الأرض المخصبة ذات المياه الغزيرة مناطق حمى لا يجوز لإبل غيره الرعي فيها، وفي الاستيلاء على مواضع الماء، حتى ضجرت الناس منه وسئمت حكمه وودت لو تمكنت من التخلص ممن جوره وتعسفه٢.

قال "ابن الكلبي": لم تجتمع معد كلها إلا على ثلاثة من رؤساء العرب، وهم: عامر بن الظرب بن عمرو بن بكر بن يشكر بن الحارث: والثاني ربيعة بن الحارث بن مرة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب، وهو قائد معد يوم السلان. وهو كما رأينا والد "كليب". والثالث: كليب بن ربيعة٣. ويظهر من ذلك أنه ورث رئاسة قومه ورئاسة معدّ من والده، وأنه زاد في قومه وفي مكانته يوم قاوم قبائل اليمن، وتغلب عليها في "يوم خزاز"، وكانت معدّ تهاب اليمن، وتخضع لملوكها، لذلك كان يوم السلان ويوم خزاز، نصرًا معنويًّا كبيرًا لها، جرأها على الوقوف أمام اليمن، وعلى تحديها. وجعلها تشعر بأنها قوة وأن في إمكانها صد اليمن لو اتحدت قبائل "معدّ" فيما بينها، ووحدت كلمتها تحت رئاسة رئيس قوي قدير.

ويذكر أهل الأخبار أن معدا اجتمعت كلها تحت رايته، وجعلت له قسم الملك وتاجه وتحيته وطاعته، فغبر بذلك حينًا من الدهر ثم دخله زهو شديد وبغى على قومه حتى بلغ من بغيه أنه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى حماه،


١ المحبر "ص٢٤٩"، العقد الفريد "٦/ ٩٧" "العريان"، نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٠ وما بعدها".
٢ ابن الأثير، الكامل "١/ ٢١٤"، النقائض "٩٠٥ وما بعدها" الميداني، الأمثال "١/ ٢٥٤"، خزانة الأدب "١/ ٣٠١ وما بعدها"، المحبر "٢٤٩"، المعارف "٦٠٥ وما بعدها" "دار الكتب سنة ١٩٦٠م".
٣ نهاية الأرب" ١٥/ ٣٩٦ وما بعدها"

<<  <  ج: ص:  >  >>