للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهمية خطيرة كذلك في هذا الموضوع لإشارتهما لأول مرة إلى "معدّ". فقد وردت كلمة "معدو" أي معدّ في السطر الثالث من النص، ووردت كلمة "نزرو" أي "نزار" في السطر الثاني منه. يضاف إلى ذلك ورود أسماء قبائل أخرى هي "الأسدين"، أي قبيلة أسد، ومذحج.

أما تأريخ "بروكوبيوس"، فقد وضع "Maddeni" أي معدا في الأقسام الشمالية من الحجاز. وقد ذكر هذا المؤرخ، القيصر "يوسطنيان" طلب من "السميفع أشوع" "Esimiphjius" أن يوافق على تعيين سيد قبيلة اسمه "قيس Caisus" "Kaisus"" رئيسًا على "معدّ"١. وقد ذكرت أن هذا يدلّ ضمنًا على خضوع معد لحمير، ولو كان خضوعًا بالاسم. ولوجود معدّ في هذا الزمن، أي في القرن السادس للميلاد، في أرض كانت مأهولة بالنبط أهمية كبيرة ولا شك.

كما أشرت إلى ورود كلمة "مضر" في نص يماني، وإلى اشتراكها في حرب خاضتها سبأ وحمير ورحبة وكدت ومضر وثعبة٢. وهي حرب يظهر أنها كانت واسعة من الحروب التي وقعت قبيل الإسلام. ومضر في هذا النص قبيلة من هذه القبائل التي اشتركت في الحرب، وليس اسمًا عامًّا لقبائل كثيرة، أي على نحو ما يذهب إليه الأخباريون.

فيتبين من هذه النصوص أن معدا ونزارًا ومضر كانت قبائل تقيم في الأقسام الشمالية من جزيرة العرب وفي العربية الغربية. وقد لاحظنا أن نص النمارة قد فرق بين معد ونزار، ولم يشر إلى وجود رابطة بين القبيلتين، بمعنى أن كُلًّا من نزار ومعد كان قبيلة مستقلة، في حين يضع النسابون نسبًا بينهما ويربطون بين القبيلتين. والظاهر أن هذا الارتباط الذي ذهب إليه الأخباريون وأهل الأنساب إنما حدث في صدر الإسلام، بعد تثبيت القبائل في الديوان.

وفي أثناء كلام الأخباريين على تأريخ الحيرة، ذكروا أن معدا كانت خاضعة لها، وأن ملوكها كانوا يحكمون معدا. ذكروهم في جملة من كان قد خضع


١ تأريخ العرب قبل الإسلام "٣/ ٢٠٥ وما بعدها".
٢ تأريخ العرب قبل الإسلام "٣/ ١٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>