للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فال "أدم" إذن وفي الغالب، تعبير عن جماعات من الناس كانوا أحرارًا، إلا أنهم لم يكونوا من المتمكنين في حياتهم من حيازة أرض أو ملك، لذلك جعلوا أنفسهم في خدمة غيرهم، بأن كروا الأرضين من أصحابها، لاستغلالها في مقابل حق معلوم، أو اتفقوا مع ثري على أداء عمل له في مقابل أجر يقدمونه إليه، وهم طبقة واسعة العدد. وهي لذلك أرقى منزلة وأحسن حالًا من حال العبيد المملوكين، والرقيق المشترى من الأسواق.

وقد فسّر بعض الباحثين كلمة "أدوم" "أدوام" و "أديمت"، و "أدومت"، بمعنى عمال الأرض، أو طبقة واطئة من المزارعين الذين لا يملكون أرضًا، أحوالهم ضعيفة، لأن ما ينتجونه لا يكفي لإعاشتهم. وذكروا أن كلمة "ضعيف" المستعملة في العربية الجنوبية تعبر عن ذلك المعنى المراد من تلك الكلمات١.

وقد ورد في بعض النصوص لفظ "أج ر م" بمعنى "أجير" و "أجراء"٢ وهم الأشخاص الذين يشتغلون بأجور يدفعها لهم أصحاب الأرضين أو أصحاب المال أو أصحاب العمل. وقد كانوا طبقة من الطبقات الدنيا، بدليل ذكرهم في هذه الجملة: "كل معنم حرم وأجرم"٣، "كلّ معينيّ حرّ وأجير"، أي كل فرد من أبناء معين حر وأجير، بتعبير أوضح، والأجراء هم أكثر حرية من العبيد، لأنهم يشتغلون بأجر وبعقود يتفقون عليها. فإذا انتهى العقد، أو حصل خلاف، جاز للأجير الانتقال إلى موضع آخر، أو إلى صاحب محل آخر للعمل لديه، على حين لا يجوز للعبد فعل ذلك، لأنه ملك يمين. والأجراء أناس أحرار، يستطيعون التنقل والتصرف بحرية، ولكنهم فقراء معدمون لا يملكون شيئا، وعيشتهم من العمل الذي يقومون به لغيرهم مقابل الأجر الذي يقدمه رب العمل لهم.

وقد يكون الأجر الذي يدفع عن عمل مقطوع، وقد يكون عن أمد يحدد كأن يكون أجر يوم واحد أو أيام، فإذا تم النهار دفع الآجر للأجير، وقد


١ A. Grohmann, S. ١٢٤.
٢ النقش رقم ٥٧٧، Jamme, Southeratabian Inscriptions.
٣ النقش رقم ٥، الفقرة ٣ من كتاب: نقوش خربة معين "ص٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>