للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما طبقات المجتمع الحضري بالنسبة إلى العرب الآخرين وأسماؤها، فلا ذكر لها في النصوص الجاهلية، وإنما ذكر في الموارد الإسلامية، وأكثره مما يخص عرب الحجاز؛ لأن أكثر ما ورد عن الجاهلية القريبة من الإسلام هو ما يخص موطن الإسلام. فكل اعتمادنا فيه على هذه الموارد الإسلامية.

وفي العربية ألفاظ عديدة تعبر عن منازل الناس في الشرف والسيادة. هي في الواقع من النعوت التي أطلقها الناس على الأشراف مبالغة في مدحهم وتفخيمهم وأشراف القوم هم سادتهم من أرباب البيوت. ونجد في الموارد الإسلامية ذكر "أشراف قريش". وهم كبار قريش وسادتها وأصحاب البيوت فيها. كما نجد تعبيرًا يدل على الرئاسة والزعامة هو "رحى القوم"، يقال لسيد القوم الذي يصدرون عن رأيه وينتهون إلى أمره١.

وقد عُيّر السودان في الجاهلية وفي الإسلام. عُيّروا بسوادهم وبملامح أجسامهم وبطريقة تكلمهم. هذا حسان يهجو أحدهم بقوله:

وأمّك سوداء نوبيّة ... كأن أناملها الحنظب٢

و"الخلاسي" الولد٣ بين أبوين أبيض وأسود، أبيض وسوداء أو أسود وبيضاء. فهو المضرب. وقال بعض علماء اللغة: تقول العرب للغلام إذا كانت أمه سوداء وأبوه عربيًا آدم فجاءت بولد بين لونيهما غلام خلاسي والأنثى خلاسية قال الجاحظ: "ورأينا الخلاسيّ من الناس، وهو الذي يتخلق بين الحبشي والبيضاء، والعادة من هذا التركيب أنه يخرج أعظم من أبويه وأقوى من أصليه ومثمريه. ورأينا البَيْسريّ من الناس، وهو الذي يخلق من بين البيض والهند، لا يخرج ذلك النتاج على مقدار ضخم الأبوين وقوتهما، ولكنه يجيء أحسن وأملح"٤.

وقد شابت السنة هؤلاء "طُمطمانية"، أي عجمة. قال عنترة:

تأوي له قلص النعام كما أوت

خرق يمانية لأعجمَ طمطم٥


١ اللسان "١٤/ ٣١٤"، "صادر"، "رحا".
٢ العمدة "١/ ٣٠٠".
٣ تاج العروس "٤/ ١٣٨"، "خلس".
٤ الحيوان "١/ ١٥٧"، "هارون".
٥ تاج العروس "٨/ ٣٨١"، "طم".

<<  <  ج: ص:  >  >>