للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظفر به ليحْرِقنه، لأنه أسرف في هجائه، حتى تجاسر فهجا أمه "سُعدى". فلما ظفر به، أشارت "سُعدى" على "أوس" بأن يمنّ على بشر، فخلى سبيله وأكرمه وأحسن كسوته وحمله على نجيبة وحباه، فصار "بشر" يمدحه١ ويذكر أهل الأخبار، أن أوسًا وحاتمًا وفدا على "عمرو بن هند"، فأراد امتحانهما، والوقوف على رأي أحدهما في الآخر، فما انتقص واحد منهما الآخر. فقال عمرو: والله ما أدري أيكما أفضل! وما منكما إلا سيد كريم٢.

و"هرم بن سنان المُريّ"، من أجواد الجاهلية أيضا. وهو سيد غطفان. وكان والده سيّد غطفان كذلك. وقد مدحه الشاعر زهير بن أبي سلمى في أبيات لا يزال الناس يحفظونها ويذكرونها عن هرم وقد كان هرم أعطاه مالًا كثيرًا من خيل وإبل وثياب وغير ذلك مما أغناه، وفيه ورد المثل: "أجود من هرم". وقد أدركت بنت له أيام عمر فسألها عن أبيها وعن صلته بزهير٣.

قال "أبو عبيدة": "أجود العرب ثلاث: كعب بن مامة، وحاتم الطائي، وكلاهما ضُرب به المثل، وهرم بن سنان صاحب زهير"٤.

وقد ضرب المثل بجود "عبد الله بن حبيب العنبري" فقيل: "أقرى من آكل الخبز". ذكر أنه سمي آكل الخبز، لأنه كان لا يأكل التمر ولا يرغب في اللبن. وأكل الخبز ممدوح عند العرب. وهو عندهم من علامات الغنى والمال. وعرف "ثور بن شحمة العنبريّ" بالجود كذلك، وقد كان قومه "بنو العنبر" إذا افتخروا، قالوا: "منا آكل الخبز، ومنا مجير الطير"٥. وقد عرف "ثور بن شحمة" ب "مجير الطير" لأنه كان يشفق على الطيور فيطعمها ويشبعها لجوده وكرمه.

واشتهر "عبد الله بن جُدعان" بجوده كذلك، وقد كان يسمى ب "حاسي الذهب"، لأنه كان يشرب في إناء من الذهب، وقيل: "أقرى من حاسي


١ بلوغ الأرب "١/ ٨٣ وما بعدها".
٢ الثعالبي، ثمار "١١٨".
٣ بلوغ الارب "١/ ٨٤ وما بعدها"، ثمرات الأوراق "١/ ١٢٧" حاشية على المستطرف. العقد الفريد "١/ ٣٣٧" نهاية الأرب "٣/ ٢٠٨"، الشعر والشعراء "١٢٣".
٤ الشعر والشعراء "١٢٣".
٥ بلوغ الأرب "١/ ٨٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>