للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البليغ الجيد١.

وضرب المثل بجود "كعب بن مامة الإيادي". ويذكر أهل الأخبار أنه هلك بسبب جوده، فقد مات عطشًا، لأنه أعطى الماء غيره، فمات هو من العطش٢. وقد فضله "الجاحظ" ورَجَّحه على "حاتم الطائي" في الجود. ذلك لأن حاتمًا كان يجود على غيره بماله، أما "كعب"، فقد بذل النفس حتى أعطبه الكرم، وبذل المجهود في المال، فساوى حاتمًا من هذا الوجه وباينه ببذل المهجة. فهو على رأيه فوقه في الكرم بمنازل ودرجات٣. وذكر أن من عادة "كعب بن مامة" أنه إذا جاوره رجل قام له بكل ما يصلحه وعياله، وحماه ممن يريد. وإن هلك له بعير أو شاة أو عبد أخلف عليه، وإن مات وداه، فجاوره "أبو دواد الإيادي" الشاعر، فكان يفعل به ذلك ويزيد في بره، فصارت العرب إذا حمدت جارًا بحسن جواره، قالوا: كجار أبي دواد٤. وقد افتخرت به إياد. وعدّ من مفاخرها٥. وذكر "عبد الملك بن مروان" إيادًا، فقال: هم أخطب الناس لمكان قس، وأسخى الناس لمكان كعب، وأشعر الناس لمكان أبي دواد، وأنكح الناس لمكان ابن الغز٦.

و"أوس بن حارثة بن لأم الطائي". يذكرون أن "النعمان بن المنذر" حباه حلة نفيسة بحضور وفود العرب من كل حيّ، وكانوا قد اجتمعوا عنده، فقال لهم: "إني ملبسٌ هذه الحلة أكرمكم" فألبسه النعمان الحلة٧. ويذكرون أنه تمكن من الشاعر "بشر بن أبي خازم"، وكان "أوس" قد نذر لئن


١ بلوغ الأرب "١/ ٧٥"، تأريخ الأدب العربي، ل "كارل بروكلمان"، "١/ ١١١، ١١٢، ١١٣".
٢ بلوغ الأرب "١/ ٨١"، العقد الفريد "١/ ٣٣٧"، نهاية الأرب "٣/ ٢٠٨"، ثمرات الأوراق "١/ ١٢٧"، "حاشية على المستطرف".
٣ الثعالبي، ثمار "١٢٦".
٤ قال قيس بن زهير:
أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى جار كجار أبي دواد
الثعالبي، ثمار "١٢٧ وما بعدها".
٥ الثعالبي، ثمار "١٢٢".
٦ الثعالبي، ثمار "١٤٢".
٧ الثعالبي، ثمار "١١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>