للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قين لدى "كيره" جاثم. يأخذون "الإهالة" وهو الدهن الذي يستخرج من اللحم، ويبيعونه من الدبّاغين١. فما ذكره فيهم هو من أعمال العجم والصعاليك، لا العرب الأصلاء والأقحاح.

وذكر أن "الوليد" المعروف ب "الوليد بن المغيرة" لم يك عربيًّا، وإنما كان عبدًا روميًّا، وكان اسمه "ديم"، واسم أبيه "صقعب"، فرغب فيه "المغيرة"، فادعاه، وألحق صقعبًا بالشام، فاشتاق إليه، فصوره في الحائط. وقد هجاه "حسان بن ثابت"، فقال له إن والدك "صقعبًا" كان قينًا، وأما أمك فهي "حباشة"، وهي عبدة سوداء. وقد تباهيتَ إذ صرت غنيًّا، وإنما صرت ثريًّا بكلبتك هذه، وهي آلة من آلات الحدادين يشير بذلك إلى أنه كان حدادًا، يعرف ضرب النصال، وحسن الرقع للبرم. وهي القدور٢. ويظهر من شعر حسان ومن شرح الشراح أن "الوليد" كان مصورًا ماهرًا متمكنًا من فنه، حتى صور أباه، إن صح هذا الادعاء من "حسان".

ولحسان بن ثابت هجاء شديد لثقيف، قال في بعضه خلّوا "معدًّ" ولا تنتسبوا إليها، واتركوا "خندفا"، فما لكم من ولادة فيها، وذلك على عاداته وعادة الشعراء والناس عند هجاء قوم، حيث يرمونهم بكل قبيح، ويجردونهم من كل مكرمة، إلا أنه لم يصرح في شعره بأنهم من ثمود، إذ كانوا وقت هجاء "حسان" إياهم من "قيس". وقد نسبهم بعضهم إلى "الفهود بن بني جائر بن إرم، إخوة ثمود"، ونسبهم آخرون إلى "وحاظة" بن حمير، وقال آخرون إن "ثقيفًا"، هو عبد٣. كل ذلك نكاية بثقيف.

وذكر أهل الأخبار أن "الأزرق"، وهو غلام رومي في الأصل كان للحارث بن كلدة الثَّقفي، وقد ادعى نسله أن "الأزرق" هو ابن "عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني"، فهم من غسان. وذكر أنهم ادعوا في أول أمرهم أنهم من تغلب، ثم من بني عكب، ثم أفسدتهم خزاعة، ودعوهم إلى اليمن، وزينوا لهم ذلك، وقالوا: أنتم لا يغسل عنكم ذكر الروم إلا أن تدعوا أنكم


١ البرقوقي "ص٤٠٣".
٢ البرقوقي "ص٤٠٠ وما بعدها".
٣ البرقوقي "ص٣٤٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>